للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيضَعَ الْجِزْيَةَ،

ــ

وبدعائه يهلك يأجوج ومأجوج، واختلف كم يلبث في الأرض فقال أبو داود: أربعين سنة، وقال ابن العربي: والأصح أنَّه سبعة أعوام، فإن قلت: بم يعرف النَّاس أنَّه عيسى؟ قلت: بصفاته التي تضمنتها الأحاديث المتواترة (فيكسر الصليب) بالنصب عطفًا على (ينزل) وبالرفع على الاستئناف معناه يكسره حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الملاهي بالكسر وتغيير ما نسبته النصارى إلى شرعها لأنه إنما ينزل ملتزمًا بشريعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقيل معنى "يكسر الصليب": يبطل أمره من قولهم كسر حجته، والفرق بين الصليب والصنم والوثن أن الصليب كل ما نحت على صورة آدمي وعبد، والصنم كل ما نحت على أي صورة كصورة العجل وعبد، والوثن كل ما عبد من دون الله تعالى سواء نحت أم لا كالشجر والحجر، قال القرطبي: وكسره الصليب يدل على أن شيئًا من ذلك لم يسوغه لهم وأن ذلك لا يقر إذا تمكن من تغييره وإزالته. اهـ (ويقتل الخنزير) بالنصب والرفع أَيضًا، قال النووي: وقتل الخنزير من قبيل إزالة المنكر وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور أنَّه إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر أو غيرها وتمكنا من قتله قتلناه وإبطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم، فقال: يُترك إذا لم يكن فيه ضراوة، قال الأبي: وفيه دليل على أن ما وجد من الخنازير بأرض الكفر أو بيد من أسلم تقتل وقيل: تسرح، وقال ابن عرفة: لا بأس بقتل ما وجد من الخنازير بأرض الإِسلام لأنها مُفسدة (ويضع الجزية) بالوجهين أي يسقط الجزية ولا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلَّا الإِسلام ومن بذل منهم الجزية لم يكفَّ عنه بها بل لا يقبل إلَّا الإِسلام أو القتل قاله الخطابي، قال القاضي: وقد يكون فيض المال هنا من وضع الجزية أي ضربها على جميع الكفرة فإنَّه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها وانقاد له جميع النَّاس إما بالإِسلام وإما بإلقاء يد فيضع عليه الجزية ويضربها وهذا كلام القاضي وليس بمقبول، والصواب ما قدمناه وهو أنَّه لا يقبل إلَّا الإِسلام فعلى هذا قد يقال هذا خلاف حكم الشرع اليوم فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولا يجوز قتله ولا إكراهه على الإِسلام، وجوابه أن هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة بل هو مقيد بما قبل عيسى - عليه السلام -، وقد أخبرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه وليس عيسى - عليه السلام - هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ، فإن عيسى - عليه السلام - يحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>