متنًا وسندًا، و (كيف) في قوله (كيف أنتم) للاستفهام التعجبي من حسن الحال حينئذ لا من شدة الأمر، وهو في محل الرفع خبر مقدم و (أنتم) مبتدأ مؤخر أي ما أحسن حالكم أيتها الأمة (إذا نزل) من السماء عيسى (ابن مريم فيكم) أي في الأرض بينكم (وإمامكم) أي والحال أن إمامكم الذي يصلي بكم (منكم) أيتها الأمة لا عيسى ابن مريم بل يصلي عيسى خلف إمامكم تكرمة لهذه الأمة، حين يقول أميركم لعيسي: تعال فصل بنا, فيقول عيسى: لا بل أَنْتَ صل بنا، فيصلي عيسى وراء إمام المسلمين إبقاء لشريعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واتباعًا. له وإخزاء للنصارى وإقامة للحجة عليهم، والمعنى ما أحسن حالكم وقت نزول عيسى فيكم فإنكم تكونون على حالة حسنة في الدين والدنيا مستقيمين في الدين مبسوطين في الدنيا كما هو مبين في حديث جابر الآتي.
قال القاضي عياض: قوله (وإمامكم منكم) وفي الحديث الآخر "فأمكم منكم"، فسّره في الكتاب ابن أبي ذئب فقال: فأمكم بكتاب الله وسنة نبيكم، وهذا كلام حسن لأن عيسى ليس يأتي لأهل الأرض رسولًا ولا نبيًّا مبعوثًا ولا بشريعة جديدة لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وشريعته ناسخة لجميع الشرائع راسخة إلى يوم القيامة وإنما يحكم عيسى بها، وأما قوله (إمامكم منكم) فهو مفسر أَيضًا في الحديث من رواية جابر في الأم، حيث قال:"فينزل عيسى فيقول أميرهم: تعال فصل بنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة من الله لهذه الأمة" وقوله (حكمًا مقسطًا وإمامًا عادلًا) دليل أَيضًا على أنَّه لم يأت بشرع محدث ولا أرسل بملة جديدة ولا جاء نبيًّا مبعوثًا. اهـ
قال الأبي: قال ابن العربي: وقيل يعني بـ (منكم) أي من قريش، وقيل يعني الإِمام المهدي الآتي في آخر الزمان الذي صح فيه حديث التِّرْمِذِيّ من طريق ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذهب الدنيا حتَّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي واسم أَبيه اسم أبي"، ومن طريق أبي هريرة:"لو لم يبق من الدنيا إلَّا يوم لطوله الله حتَّى يلي ... " وفي أبي داود عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف" فالأجلى الذي انحسر شعر مقدم رأسه والأقنى من به احديداب في الأنف، وفيه أَيضًا عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة يعمل في النَّاس بسنة نبيهم ويلقي الإِسلام بجرانه إلى الأرض يلبث سبع سنين ثم يموت ويصلي عليه