وفي الجهاد وفي الإفك فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنها فيها تسعة أبواب تقريبًا، والله أعلم.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي (أخبرته) أي أخبرت لعروة (أنها قالت) بدل من جملة (أن) الأولى (كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم) وقوله في السند (أن عائشة أخبرته) قال النواوي: لم تدرك عائشة بسنها هذه القضية فيحتمل أنها سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم أر من الصحابة فيكون مرسل صحابي ومرسله حجة عند جميع العلماء إلا ما شذ به أبو إسحاق الإسفراييني، وقوله (أول ما بدئ به) قال المازري: بدئ بذلك لأن فجأة الملك وصريح الوحي لا تطيقه القوى البشرية فبدئ به ليأنس ويستعد لعظيم ما أريد به حتى لا يأتيه الملك إلا بأمر عنده مقدماته ومن هذا المعنى ما كان يراه من الضوء وسماع الصوت وتسليم الحجر والشجر عليه. اهـ
قال القرطبي: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره يرى ضوءًا ويسمع صوتًا ويسلم عليه الحجر والشجر وتناديه بالنبوة وهذه أمور ابتدئ بها تدريجيًا لما أراد الله به من الكرامة والنبوة واستلطافًا له لئلا يفجاه صريح الوحي ويبغته الملك فلا تحتمل ذلك قوته البشرية، وقوله (من الوحي الرؤيا الصادقة) وفي رواية البخاري (الرؤيا الصالحة) وهما بمعنى واحد أي غير الكاذبة وفي (من) هنا قولان أحدهما: أنها لبيان الجنس فكأنه قال من جنس الوحي لا للتبعيض، نعم هي كالوحي في الصحة وقيل للتبعيض.
قال المازري: الرؤيا الصادقة جزء من النبوة في غير الأنبياء فكيف رؤيا الأنبياء التي هي وحي، وفي القسطلاني قوله (من الوحي) احترز به عما رآه من دلائل نبوته من غير وحي كتسليم الحجر عليه، قال الأبي: الوحي لغة: الإسراع ومنه قولهم الوحا الوحا؛ أي: الإسراع الإسراع، كما في اللسان، وعرفًا: سماع الكلام القديم بواسطة ملك أو دونه والنبي من خص من البشر بالوحي إليه، والرسول من أمر بتبليغ ما أوحي به إليه فالرسول أخص فيشتركان في الوحي إليهما ويفترقان في الأمر بالتبليغ وقال