للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كأنها رضي الله عنها تقول: ما شرفت به من النبوة وقصدت به من الرسالة أنت أهله ومهيأ به بما أودع سبحانه فيك من الخلال الكريمة اللائقة، لذلك {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ} فهون عليك ولا تخف ولا تجزع أن لا تقوم بواجب الحق في ذلك، فلله در خديجة رضي الله عنها فما أرق تسليتها للنبي صلى الله عليه وسلم وأجملها، قولها (وتعين على نوائب الحق) قيل معناه تعين الملهوف على ما أصابه من النوائب التي يحق على حماة الحقيقة المعاونة فيها، قال بعضهم: ويحتمل أن تعني كما تكسب المعدوم مالًا كذلك تعين الغني الواجد الذي هو ضد المعدوم على ما ينوبه أي يعرض له من الحقوق الشرعية لإنفاقه على العيال ونحو وليمة النكاح مما يجب أو يندب إليه والعادات المباحة مما يستحسن في العادة أن يعان فيها الغني والفقير فقد جمع صلوات الله تعالى وسلامه عليه مكارم الأخلاق كلها واحتوى المحاسن كلها بل بأسرها شرعيها وعاديها، ويحتمل أن تريد وتعين نفسك على ما ينوبك من الحقوق وغيرك على ما ينوبه منها، ويكون وصفًا جامعًا لما تقدم من مكارم الأخلاق وغيرها مما لم تذكرها أو كانها فذلكة ونتيجة وكأنها قالت جمعت المحاسن فما عسى أن أعد منها. اهـ سنوسي. (تنبيهات): (الأول) يؤخذ من تحنث النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء طلب الخلوة للعبادة والعزلة عن الناس للاستعانة بها على حضور القلب والأمن من الرياء والسمعة وفيها السلامة من أكثر أنواع الشر وقد ينتهي إلى حد الوجوب بحسب الأزمنة والأحوال، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم زمان العزلة ونعت أهله وأمر فيه بالتفرد، فروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال: إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم وخفت وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، فقلت: ما أصنع عند ذلك جعلني الله فداءك، قال: "الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع أمر العامة"، وذكر في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ذلك أيام الهرج"، قيل: وما أيام الهرج، قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". وذكر ابن مسعود في خبر آخر للحارث بن عميرة أنه قال: "إن يرفع من عمرك فسيأتي عليك زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه كثير سؤاله قليل عطفاؤه الهوى فيه قائد العلم"، قال: ومتى ذلك؟ قال: "إذا أميتت الصلاة وقبلت الرشا وبيع الدين بعرض يسير من الدنيا فالنجا ويحك ثم النجا".

<<  <  ج: ص:  >  >>