للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ

ــ

باكتساب المال الكثير الذي لا يجده غيره ولا يقدر عليه. اهـ

(وتقري الضيف) بفتح أوله بلا همز ثلاثيًّا أي تكرمه، يقال: قريت الضيف أقريه قرىً وقراءً إذا أعطيته طعام الضيافة، ويقال للطعام الذي يضيفه به قرىً ويقال لفاعله قارٍ مثل قضى فهو قاض، وقال الأبي: وسمع بضمها رباعيًّا أي تهيئ له طعامه ونزله (وتعين على نوائب الحق) أي حوادثه جمع نائبة وهي الحادثة فيدخل فيه النوائب التي تتعرض للأغنياء من أداء دين أو دية أو قيام بوليمة، والمقصود أن جوده صلى الله عليه وسلم وصل للفقير والغني وعم كل الناس، وقيدت النوائب بالحق لأنها قد تكون في الحق والباطل كأداء دين من استدان لشرب الخمر أو الزنا إذا لم يتب، قال لبيد:

نوائب من خير وشر كلاهما ... فلا الخير ممدود ولا الشر لازب

ولذلك أضافتها إلى الحق، وفيه إشارة إلى فضل خديجة وجزالة رأيها، وهذه الخصلة جامعة لأفراد ما سبق وغيره وإنما أجابته بكلام فيه قسم وتأكيد بإن واللام لتزيل حيرته ودهشته واستدلت على ما أقسمت عليه بامر استقرائي جامع لأصول مكارم الأخلاق، وفيه دليل على أن من طبع على أفعال الخير لا يصيبه ضير، قال الأبي: والمعنى كلا لا يصيبك الله بمكروه لما جمع فيك من خصال الحمد، وفيه أن مكارم الأخلاق تقي مصارع السوء، وفيه تأنيس من وقع في مخافة، وفيه نبل خديجة وكمال عقلها. اهـ. وفيه مدح الإنسان في وجهه للحاجة إليه في بعض الأحوال، قال السنوسي: قولها (إنك لتصل الرحم ... ) إلخ؛ هو من الاستئناف البياني لوقوعه في جواب سؤال مقدر عن علة الحكم الخاص الذي حكمت به كأنه قال لها: من أين حكمت بان الله سبحانه لا يفعل بي ما ذكرت، فقالت: (إنك ... ) إلخ، وعبرت هنا بالمضارع لتصور تلك الأحوال الحسنة الشاقة على الكثير.

وقولها (وتحمل الكل) كناية عن صبره على ما يثقل على النفس الصبر عليه، وقولها (وتكسب) بوزن تضرب (المعدوم) أي تقدر على كسب الشيء الذي يكون معدومًا وتحتاج إلى تحصيله لمعرفتك بطرق الاكتساب، فمدحته بما يستلزم كمال العقل الذي هو أشرف شيء مَنَّ به سبحانه وتعالى والنشاط الذي يكتسب به الإنسان المصالح الدنيوية والأخروية لنفسه ولغيره ضد ما عليه العاجز من الرجال الذي لا ينفع نفسه ولا غيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>