والعرب تتمادح بكسب المال لا سيما قريمش وقد عرفوا بقريمش التجار، وسموا قريشًا من التقرش، والتقرش: التجارة على أحد الأقوال في معناه.
وقال القاضي عياض: قوله (وتكسب المعدوم) رويناه عن الأكثر بفتح التاء مضارع كسب الثلاثي يقال كسب المال وكسبته زيدًا، وعن بعضهم بضمها مضارع أكسب الرباعي، قال القزاز: كسب الثلاثي حرف نادر، فالمعنى على أنه من الثلاثي المتعدي إلى واحدٍ، وتكسب المال الذي يعدم كسبه من غيرك لأنه صلى الله عليه وسلم كان مجدودًا في تجارته والعرب كانت تتمدح بكسب المال لاسيما قريش كما مر آنفًا، والمعنى على أنه من الثلاثي المتعدي إلى اثنين، وتكسب الناس المال الذي يعدم أي تعطيه غيرك، والمفعول الأول محذوف وكذلك المعنى على أنه من أكسب الرباعي وهذا المعنى أمدح في حقه وأليق بكرمه صلى الله عليه وسلم من الأول. انتهى.
وعبارة القسطلاني هنا قوله (وتكسب المعدوم) بفتح الفوقية على وزن تضرب، والكسب استفادة المال؛ أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، وكسب يتعدى بنفسه إلى واحد نحو كسبت المال هالى اثنين نحو كسبت غيري المال وهذا منه، ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: وتكسب بضم أوله من أكسب أي تكسب غيرك المال المعدوم أي تتبرع به له فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، أو تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق أو تكسب المال وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله ثم تجود به وتنفقه في وجوه المكارم، والرواية الأولى أصح كما قاله عياض والرواية الثانية قال الخطابي: الصواب المعدم بلا واو (وتكسب المعدم) أي الففير لأن المعدوم لا يكسب، وأجيب بأنه لا يمتنع أن يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له، وفي تهذيب الأسماء للأزهري عن ابن الأعرابي: رجل عديم لا عقل له ومعدوم لا مال له، قال في المصابيح كأنهم نزلوا وجود من لا مال له منزلة العدم. اهـ وفي القرطبي وحكي عن ثعلب وابن الأعرابي أكسبت زيدًا مالًا ومنه قوله: فأكسبني مالًا وأكسبته حمدًا
ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم كان يكسب الناس ما لا يجدونه عند غيره من معدومات الفوائد والفضائل وهذا أولى في وصفه من قول من قال إن خديجة مدحته