للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ،

ــ

ولا يهينك بل يثبتك حتى لا ينسب إليك الكذب فيما قلته ولا يسلط عليك شيطان بتخبطه الذي حذرته، وفي رواية (ما يحزنك) بفتح أوله وبالحاء المهملة الساكنة والزاي المضمومة أو بضم أوله مع كسر الزاي وبالنون من الحزن يقال حزنه وأحزنه ومعنى يحزنك أي ما يوقع بك ما تخافه من ذلك.

وهذا من خديجة تأنيس له صلى الله عليه وسلم إن كان هذا أول ما رأى من المقدمات والتباشير وقبل تحقيقه الرسالة ولقاء الملك أو يكون قوله لما خشي من ضعف جسمه عن حمل ذلك. اهـ ع.

(والله) وفي رواية البخاري إسقاط هذا القسم (إنك) بكسر الهمزة لوقوعها في جواب القسم أو لوقوعها في ابتداء الكلام على رواية إسقاط القسم، قال الدماميني: وفصلت هذه الجملة عن الأولى لكونها جوابًا عن سؤال اقتضته وهو سؤال عن سبب خاص فحسن التأكيد وذلك أنها لما أثبتت القول بانتفاء الخزي عنه وأقسمت عليه انطوى ذلك على اعتقادها أن ذلك لسبب عظيم فيقدر السؤال عن خصوصه حتى كأنه قيل هل سبب ذلك هو الاتصاف بمكارم الأخلاق ومحاسن الأوصاف كما يشير إليه كلامها فقالت إنك (لتصل الرحم) أي القرابة أي تصل ذا رحمك بالزيارة والمواساة والإهداء إليه (وتصدق الحديث) أي تتكلم بصدق الكلام ولو كذَبوك أو كذَّبوك. اهـ ملا علي، وفي رواية البخاري إسقاط هذا (وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام وهو الذي لا يستقل بامره أو الثِّقل بكسر المثلثة وإسكان القاف ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} قال المازري: قال النحاس: الكَلُّ بفتح الكاف هو الثقل من كل شيء في المؤنة أو الجسم، والكل أيضًا اليتيم والضعيف والمسافر الذي أصابه الإعياء في الطريق لفقد ما يبلغه المقصد وحمل هؤلاء بالإنفاق عليهم فمعنى الكل هو الذي أصابه الكلال وهو الإعياء والمعنى إنك لتواصل ذا قرابتك وتتكلم كلامًا صادقًا وتنفق على الضعفاء الذين أصابهم الكلال (وتكسب المعدوم) أي تصير الفقير غنيًّا بعطاياك الوافرة، وسمي الفقير معدومًا لعجزه عن النظر في المعيشة فهو كالمعدوم أو تكسب الناس وتحصل لهم ما لا يجدونه عند غيرك من الفوائد والفضائل والمكارم، وذكر ثابت بن حزم الأندلسي اللغوي في دلائله في معنى هذا الكلام: إنك تصيب وتكسب ما يعجز غيرك من كسبه ويعدمه،

<<  <  ج: ص:  >  >>