و(تنصر) أي دخل في دين النصارى وفي رواية (وكان امرأً تنصر)(في الجاهلية) بإسقاط (قد) وذلك أنه خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل لما كرها طريق الجاهلية إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين فأعجب ورقة النصرانية للقيه من لم يبدل شريعة عيسى عليه السلام والجاهلية ما قبل بعثته صلى الله عليه وسلم سموا بذلك لما كانوا عليه من فاحش الجهالة (وكان) ورقة أيضًا (يكتب الكتاب العربي) أي يعرف الخط العربي (فيكتب من الإنجيل بالعربية) أي باللغة العربية وذلك لتمكنه في دين النصارى ومعرفته بكتابهم يترجم عنه باللغة العربية مع أن الإنجيل سرياني أي يكتب عنه باللغة العربية (ما شاء الله) سبحانه وتعالي (أن يكتبـ) به منه، قيل إن التوراة عبرانية والإنجيل سرياني، والعبرانية نسبة إلى العبر بكسر العين وإسكان الموحدة فيهما زيدت الألف والنون في النسبة على غير قياس قيل سميت بذلك لأن الخليل - عليه السلام - تكلم بها لما عبر الفرات فارًا من نمروذ، وعن سفيان ما نزل من السماء وحي إلا بالعربية وكانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تترجمه لقومها بلغتهم، والجار والمجرور في قوله (بالعربية) متعلق بقوله (ويكتب).
ووقع في رواية البخاري (فكتب من الإنجيل بالعبرانية) وبين الروايتين معارضة ولكن الجمع بينهما ممكن، وكيفيته أن يقال: إنه تمكن من معرفة دين النصارى بحيث صار يتصرف في الإنجيل فيكتب أي موضع شاء منه إن شاء بالعبرانية وإن شاء بالعربية فانتفت المعارضة. اهـ من السنوسي.
(وكان) ورقة (شيخًا كبيرًا) في السنن (قد عمي) وفقد بصره لكبر سنه وهذه جملة أكدت تحقق علمه وزيادة عقله بطول التجارب وكثرة ممارسة العلم وأهله (فقالت له) أي لورقة (خديجة) رضي الله تعالى عنها (أي عم) أي يا عمي، فـ (أي) حرف نداء لنداء القريب، (عم) منادى مضاف منصوبٌ بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بالكسرة، قال النواوي: وفي الرواية الأخرى (قالت خديجة أي ابن عم) هكذا هو في الأصول في الأول (عم) وفي الثاني (ابن عم) وكلاهما صحيح، أما الثاني فلأنه ابن عمها حقيقة كما ذكره أولًا في الحديث فإنه ورقة بن نوفل بن أسد وهي خديجة بنت خويلد بن أسد وأما الأول فسمته عمًا مجازًا للاحترام ومراعاة للأدب في خطاب