الصغير الكبير وهذا عادة العرب في آداب خطابهم يخاطب الصغير الكبير بـ (يا عم) احترامًا له ورفعًا لرتبته ولا يحصل هذا الغرض بقولها يا ابن عم فيكون قد وقع منها الخطابان والله أعلم. اهـ
وقولها (اسمع من ابن أخيك) ما يقول من عجائب ما رأى؛ جواب النداء، قالت رضي الله عنها (من ابن أخيك) تعني النبي صلى الله عليه وسلم ولم تقل من محمد تلطفًا منها فيما يوجب إقباله عليه بجميع فكره وكمال نصحه إذ جعلته عمًا له والعم أحد الأبوين ولهذا تلطف هو أيضًا فيما يزيل الوحشة عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يكتم عنه من أمره شيئًا بأن قال له: يا ابن أخي ماذا ترى، ولم يقل له يا محمد، أو قالت ذلك لأن الأب الثالث لورقة هو الأخ للأب الرابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عدولها رضي الله تعالى عنها عن حكاية أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع معرفتها به إلى أن أحالت عليه حسن أدب لا سيما في حق النساء لاستعظام تقدمهن بنقل الكلام الذي يمكن ممن حضر من الرجال مطلقًا فكيف بصاحب القضية الذي هو أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء ومن أوتي جوامع الكلم وتستحيي الألسنة اللسن أن تفوه بكلمة عند حضور الرفيع المعظم صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم، ويحتمل أن يكون إحالة عليه لتتلذذ بسماع الحكاية من فيه ثانيًا أو للاحتياط لاحتمال التقصير في النقل، وأيضًا فقرائن الأحوال عند سماع القضية من صاحبها لها أثر عظيم في زيادة فهم السامع، ولهذا رأينا بعض شيوخنا الأكابر رحمهم الله تعالى يزجر من ينقل له سؤال سائل مع حضوره ومن هذا المعنى اشتراط أهل المذهب في النقل عن الشاهد تعذر السماع منه وقووه مع ذلك باشتراط أن ينقل عنه اثنان فأكثر. اهـ سنوسي.
(قال ورقة بن نوفل يا ابن أخي ماذا ترى) أي أي شيء ترى (فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما) وفي رواية بخبر ما (رآه فقال له) صلى الله عليه وسلم (ورقة) بن نوفل (هذا) الذي تراه هو (الناموس) بالنون والسين المهملة على وزن فاعول وهو صاحب سر الملك -والملك هنا هو الله سبحانه جل وعلا- والمراد به جبريل عليه السلام لأنه هو الذي يلقي إليه سبحانه وتعالى ما يوصل إلى أنبيائه عليهم السلام وقال