وتلاشيت لشدة الأنوار وظهورها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فخاطبني ربي ورأيته بعيني بصري وأوحى. . . إلخ، وقوله (ما أوحى) أبهم ذلك إشارة إلى عظم ما أوحى به إليه وعدم إحاطة علم الخلائق به، وقوله (ففرض علي) من عطف الخاص على العام وإنما صرح به لتعلقه بالأمة، وأما عطاياه التي تخصه فلم يعبر عنها إذ لا يحيط بها العبارة ولا تحصيها الإشارة أي ففرض علي وعلى أمتي لأن الأصل عدم الخصوصية إلا بدليل يدل على التخصيص فذكر الفرض عليه يستلزم الفرض على أمته (خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت) من ذلك المستوى ومررت على إبراهيم الخليل فلم يقل لي شيئًا ووصلت (إلى موسى - عليه السلام -) في السماء السادسة (فقال) موسى (ما فرض) وأوجب (ربك) عليك و (على أمتك؟ قلت) فرض علينا (خمسين صلاة) في اليوم والليلة ففي هذا دلالة على شرف الصلاة من حيث إنها فرضت في المحل الأعلى (قال) موسى (ارجع إلى ربك) أي إلى محل مناجاته (فاسأله) أي فاسأل ربك (التخفيف) لأمتك والحط عنها (فإن أمتك لا يطيقون ذلك) أي لا يستطيعون القيام بذلك المفروض من خمسين صلاة (فإني) أي وإنما قلت لك ذلك لأني (قد بلوت) واختبرت وسايست (بني إسرائيل وخبرتهم) أي جربتهم حيث كلفهم الله سبحانه وتعالى بركعتين في الغداة وركعتين في وقت الزوال وركعتين في العشي فلم يطيقوا ذلك وعجزوا عنه وأمتك أضعف منهم فلا يقدرون خمسين صلاة في اليوم والليلة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرجعت إلى) محل مناجاة (ربي) أي إلى المكان الذي ناجيت فيه ربي فإن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك المكان محلًا لمناجاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يناجيه فيه ليجمع له بين الرفعتين الحسية والمعنوية كما جعل الطور محلًا لمناجاة موسى - عليه السلام - (فقلت: يا رب خفف على أمتي) وحط عنهم بعض الخمسين (فـ) أجابني بفضله ولطفه إلى شفاعتي و (حط عني) وعنهم (خمسًا) أي نقصها من تلك الخمسين (فرجعت) من محل