(فقالوا) أي فقال الحاضرون (هذا وادي الأزرق) أي هذا واد يسمى بالأزرق ظنًّا منهم أنه لا يعرفه و (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (كأني انظر) الآن (إلى موسى - عليه السلام -) حالة كونه (هابطًا) ونازلًا (من) هذه (الثنية) الطريق بين الجبلين إلى هذا الوادي (وله جؤار) أي والحال أن له جؤارًا ورفع صوت (إلى الله) تعالى (بالتلبية) والإجابة، قال الإمام: الجؤار رفع الصوت وهو مهموز ومنه قوله تعالى: {فَإِلَيهِ تَجْأَرُونَ} أي ترفعون أصواتكم وتستغيثون به، يقال: جأر يجأر من باب فتح، قال عدي بن زيد:
إنني والله فاقبل حلفتي ... بأبيل كلما صلى جأر
قال السنوسي: وفيه رفع الصوت بالتلبية وهو سنة في شرعنا من غير إسراف إلا في المساجد فيسمع من يليه فقط خوف الرياء إلا في مسجد مكة ومنى فيعلن أي فيرفع صوته فيهما عند مالك رحمه الله تعالى لأن كل من بهما يلبي بلا رياء بخلاف غيرهما من مساجد البلاد التي الحجاج فيها قليل فتشهر فيها ذلك فتحدث فساد عملك، قال القاضي: وفيه من الفقه التلبية ببطن المسيل وأنه من سنن المرسلين وشرائعهم به احتج البخاري في المسألة لقوله إذا انحدر من الوادي، والتلبية هي قول الشخص (لبيك اللهم لبيك) إلى آخره، قال القرطبي:(قوله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إلى موسى) يحتمل أن يكون هذا النظر في اليقظة على ظاهره وحقيقته ليلة الإسراء وهو ظاهر حديث جابر وأبي هريرة الآتي ويحتمل أن يكون ذلك كله منامًا ورؤيا الأنبياء وحي وهو نص حديث ابن عمر والله أعلم (ثم أتى) ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم (على ثنية هرشى) والثنية الطريق بين الجبلين وهرشى بفتح الهاء وسكون الراء وبالشين المعجمة مقصورة الألف جبل من تهامة على طريق الشام والمدينة قريب من الجحفة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي ثنية هذه؟ ) الثنية أي بأي اسم تسمى هذه الثنية (قالوا) أي قال الحاضرون معه هي (ثنية هرشى) أي تسمى بهذا الاسم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني انظر) الآن (إلى يونس) بضم الياء والنون بينهما واو ساكنة وفيه لغات أخر (بن متى) بفتح الميم والتاء المشددة المفتوحة (- عليه السلام -) حالة كونه راكبًا (على