ولقد رأيت نفسي ليلة الإسراء (في جماعة من الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام (فإذا موسى) بن عمران - عليه السلام - (قائم) في قبره حالة كونه (يصلي) ومثله في عيسى وإبراهيم عليهما السلام، قال الأبي: والأظهر أنها رؤية عين وأنها الصلاة المعهودة الشرعية، ويأتي في آخر الكتاب مررت على موسى وهو قائم يصلي في قبره (فإذا) هو (رجل ضرب) أي وسط في الجسم ليس بالضخم ولا بالضئيل (جعد) أي مكتنز الجسم تامه قويه (كأنه) أي كأن موسى في طوله وصفاء جسمه (من رجال شنوءة) بطن من الأزد مشهور في اليمن، وقوله (وإذا عيسى ابن مريم - عليه السلام -) معطوف على قوله فإذا موسى، وإذا في الموضعين فجائية ومعنى إذا عيسى ابن مريم (قائم) أي فاجأني قيامه حالة كونه (يصلي أقرب الناس به شبهًا عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم) الخليلى (- عليه السلام - قائم) أي فاجأني قيامه حالة كونه (يصلي أشبه الناس به) أي بإبراهيم (صاحبكم) وقوله (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صاحبكم (نفسه) الشريفة كلام مدرج من الراوي لتفسير صاحبكم.
(فإن قيل) كيف يصلون وهم في الآخرة غير عيسى وليست دار عمل (فالجواب) عن ذلك ما تقدم في جواب موسى ويونس وقد تكون الصلاة هنا بمعنى الدعاء والذكر وهو من عمل الآخرة، قال بعضهم: ويحتمل أن موسى لم يمت فتكون صلاته حقيقة كعيسى لحديث "أنا أول من تنشق عنه الأرض فإذا موسى آخذ بساق العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور" ولا يصح لما ذكر في آخر الكتاب من قضية موته وخبره مع ملك الموت، ولحديث "مررت على موسى وهو يصلي في قبره" لأن القبر إنما يكون للميت.
(فحانت الصلاة) أي قرب الشروع في الصلاة التي صليت بهم بنحو الإقامة، والله أعلم. (فأممتهم) أي كنت إمامًا لهم في تلك الصلاة (فلما فركت من الصلاة) بهم (قال قائل) من الحاضرين معي ولعله جبريل - عليه السلام - كما في الحديث الآخر