الأنوار أو الحجاب بمعنى الحجب (لأحرقت سبحات وجهه) تعالى أي أنوار ذاته تعالى وبهاؤها وجلالها، وما في قوله (ما انتهى) مفعول به لأحرقت، والضمير في (إليه) عائد إلى ما الموصولة، وقوله (بصره) فاعل انتهى، والضمير فيه وفي قوله (من خلقه) عائد على الله تعالى، والجار والمجرور فيه حال من ما الموصولة، والمعنى لو كشف سبحانه وتعالى ذلك الحجاب الذي منعهم من رؤيتهم له تعالى وأزاله لأحرقت وأهلكت جمال وجلال وبهاء وجهه وذاته تعالى- ما -أي شيئًا- انتهى ووصل إليه أي إلى ذلك الشيء بصره تعالى حالة كون ذلك الشيء من مخلوقه تعالى، والخلاصة لو أزال المانع من رؤيته وهو الحجاب المسمى نورًا أو نارًا وتجلى لخلقه لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته، وفي المفهم: والسبحات بضم السين والباء الموحدة جمع سُبُحة بضمهما أيضًا، وأصلها جمال الوجه وبهاؤه ثم يعبر بها عن العظمة والجلال، وفي العيني والصَّحاح: سبحات وجه ربنا جلاله، والهاء في (بصره) عائد على الله تعالى على أحسن الأقوال وهو الذي عاد عليه ضمير وجهه وكذلك ضمير خلقه، ومعنى الكلام أن الله تعالى لو كشف عن خلقه ما منعهم به عن رؤيته في الدنيا لما أطاقوا رؤيته ولهلكوا من عند آخرهم كما قال تعالى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}. ويفيد أن تركيب هذا الخلق وضعفهم في هذه الدار لا يحتمل رؤية الله تعالى فيها فإذا أنشأ تركيبهم للبقاء وقواهم حملوا ذلك، وقد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث وأبعدوا لا سيما من قال: إن الهاء في وجهه تعود على المخلوق فإنه يحيل مساق الكلام ويخل بالمعنى، والأشبه ما ذكرناه أو التوقف كما قال السلف: اقرؤوها كما جاءت يعنون المشكلات. اهـ
(وفي رواية أبي بكر عن الأعمش) بصيغة العنعنة (ولم يقل) أبو بكر لفظة (حدثنا) الدالة على الاتصال، قال النواوي (وأما قوله في رواية أبي بكر عن الأعمش ولم يقل حدثنا) فهو من احتياط مسلم رحمه الله تعالى وورعه وإتقانه وهو أنه رواه عن أبي كريب وأبي بكر، فقال أبو كريب في روايته: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش، وقال أبو بكر: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، فلما اختلفت عبارتهما في كيفية رواية شيخهما أبي