وفي الرواية الآتية (يرفع إليه عمل النهار بالليل وعمل الليل بالنهار) قال القرطبي: معنى ما في الطريق الأولى يرفع إليه عمل الليل قبل الأخذ في عمل النهار أي في آخر الليل، ومعنى ما في الطريق الثاني يرفع إليه عمل الليل بقرب الأخذ في عمل النهار فتتفق الطريقتان على أن رفع عمل الليل في آخره، قال النواوي: معنى الأولى يرفع إليه عمل الليل قبل رفع عمل النهار أي في أول النهار الذي يليه، ومعنى الثانية يرفع إليه عمل الليل بالنهار أي بالنهار الذي يليه فتتفق الطريقتان على أن عمل الليل يرفع بأول النهار الذي يليه وعمل النهار بأول الليل الذي يليه لأن الملائكة عليهم السلام إنما تصعد بعمل الليل بعد انقضائه وكذا عمل النهار، قال الأبي: يشهد لما قاله القرطبي حديث "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر" لاقتضائه أن عمل النهار يرفع بالنهار وعمل الليل يرفع بالليل إذا جعل ما بعد الفجر من الليل.
وقال في بيان رابعتها (حجابه) سبحانه وتعالى أي حجاب الله سبحانه الذي يحجب الخلق عن رؤيته (النور، وفي رواية أبي بكر:"النار") والحجاب في أصله في اللغة المنع والستر وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة، والله تعالى منزه عن الجسم والحد، والمراد به هنا المانع من رؤيته تعالى وسمي ذلك المانع نورًا أو نارًا لأنهما يمنعان من الإدراك في العادة لشعاعهما.
وعبارة المفهم هنا: والحجاب هو المانع والساتر ومنه سمي المانع من الأمير حاجبًا وهو مضاف إلى الله تعالى إضافة ملك واختراع أو إضافة تشريف والمحجوب به هم العباد وهو النور الذي بهر بصر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (نور أنى أراه) وهو المعني بقوله في سدرة المنتهى (فغشيها ألوان لا أدري ما هي؟ ) وأما البارئ تعالى فيستحيل عليه أن يحيط به حجاب إذ يلزم منه أن يكون مقدرًا محصورًا فيحتاج إلى مقدر ومخصص ويلزم منه حدوثه، وفي التحقيق أن الحجاب في حقوقنا الموانع التي تقوم بنا عند وجود هذه الحوائل كالجسم الكثيف والشديد النور. اهـ
وقال في بيان خامستها (لو كشفه) أي لو كشف الله سبحانه وتعالى ذلك الحجاب الذي حجبهم عن رؤيته تعالى، وفي بعض الروايات (كشفها) فالضمير عائد على النار أو