للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَال: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: تُرِيدُونَ شَيئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَال: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيئًا أَحَبَّ إِلَيهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ"

ــ

ثمان وثلاثين (٣٨) في خلافة علي وقيل قبل ذلك (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد كوفي وواحد مدني.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أهل الجنة الجنة) وقوله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد لقال الأول (يقول الله تبارك) أي تزايد بره وإحسانه لعباده (وتعالى) أي ترفع عما لا يليق به من كل النقائص (تريدون) أي أتريدون يا عبادي (شيئًا) من المطالب (أزيدكم) ذلك الشيء على ما أعطيتكم، قال الأبي: هذا استنطاق لا استفهام لأن الله سبحانه لا يخفى عليه شيء (فيقولون) في جوابه (ألم تبيض وجوهنا) بهمزة الاستفهام التقريري، وكذا في قوله (ألم ندخلنا الجنة وتنجنا من النار) بالجزم عطفًا على ما قبله فأي نعمة أفضل من هذا (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فبكشف) الله سبحانه وتعالى (الحجاب) أي يزيل الموانع التي كانت تمنع رؤيته سبحانه، وتسميتها حجابًا مجاز بالاستعارة والمحجوب بها الخلق كما تقدم (فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزَّ وجلَّ).

وفي المفهم: وقول من يسأله الله من أهل الجنة بقوله (هل تريدون شيئًا أزيدكم) (ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة وتنجنا من النار) لا يليق بمن مات على كمال المعرفة والمحبة والشوق وإنما يليق ذلك بمن مات بين الخوف والرجاء فلما حصل على الأمن من المخوف والظفر بالمرجو الذي كان تشوقه إليه قنع به ولها عن غيره، وأما من مات محبًّا لله مشتاقًا لرؤيته فلا يكون همه إلَّا طلب النظر لوجهه الكريم لا غير، ويدل على صحة ما قلته أن المرء يحشر على ما مات عليه كما علم من الشريعة، بل أقول إنَّ من مات مشتاقًا لرؤية الله تعالى لا ينبه بالسؤال بل يعطيه أمنيته ذو الفضل والإفضال، ومذهب أهل السنة بأجمعهم أن الله تعالى ينظر إليه المؤمنون في الآخرة بأبصارهم كما نطق بذلك الكتاب وأجمع عليه سلف الأمة ورواه بضعة عشر من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع ذلك فرق من المبتدعة منهم المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة بناء منهم على أن الرؤية يلزمها شروط اعتقدوها عقلية كاشتراط البنية

<<  <  ج: ص:  >  >>