للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد تَقَدَّمَ أَنَّ بعض المبتدعة أجازَ الكَذِبَ فيما يَرْجِعُ إِلى الترغيب والترهيب، وهو مُخَالِفٌ لإِجماع المسلمين المُعْتَدِّ بهم، وقولُهم: "هذا كَذِبٌ له لا عليه" جهلٌ عظيمٌ، وتَعَلُّقُهم بزيادةِ مَنْ زادَ: "لِيُضِلَّ به" فرواه: "مَنْ كذب عليَّ مُتعمَّدًا ليُضِلَّ به .. فليتبوأ مقعدَه من النار"، أحسنُ ما قيل في الجواب عنه وأخصرُه: أَنَّ هذه الزيادةَ باطلةٌ باتّفاق الحُفَّاظ (١).

قلتُ: يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَه النوويُّ في اللحن، ما نقلَه ابنُ الصلاح بسَنَدِه عن الأصمعي أنه كان يقول: إِن أَخْوَفَ ما أخافُ على طالب العلم إِذا لم يعرف النَّحْوَ أن يَدْخُلَ في جملة قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَذَبَ عليَّ .. فليتبوأْ مقعدَه من النار"؛ لأنه لم يَكُنْ يَلْحَنُ، فمهما رَويتَ عنه ولَحَنْتَ فيه .. كَذَبْتَ عليه.

قال الشيخُ ابنُ الصلاح: (فحَقٌّ على طالب الحديث أن يتعلَّمَ من النَّحْو واللُّغَة ما يتخلَّصُ به من شَينِ اللحن والتحريف ومَعَرَّتِهما.

رُوينا عن شُعْبة قال: مَنْ طَلَبَ الحديثَ ولم يُبْصِرِ العربيةَ .. فَمَثَلُه كمَثَلِ رجلٍ عليه بُرْنُسٌ ليس له رأس) (٢) أو كما قال.

وعن حَمَّاد بن سلمة قال: مَثَلُ الذي يطلبُ الحديثَ ولا يعرفُ النَّحْوَ مَثَلُ الحمارِ عليه مِخْلاةٌ لا شعيرَ فيها اهـ (٣)

وقال الجلالُ السيوطيُّ في "شرح ألفيته": وقد اتفَقَ العلماءُ على أَنَّ النَّحْوَ يُحتَاجُ إِليه في كُلِّ فَنٍّ من فنون العلم لاسِيّما التفسير والحديث؛ فإِنه لا يجوز لأَحَدٍ أن يتكلَّمَ في كتابِ الله تعالى وسُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يكون مَلِيًّا بالعربية؛ لأنَّ القرآنَ عربيٌّ ولا تُفْهَمُ مقاصدُه إلا بمعرفة قواعد العربية، وكذلك سُنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.


(١) انظر "المعلم" (١/ ١٨٤)، و"إِكمال المعلم" (١/ ١١١ - ١١٣)، و"شرح صحيح مسلم" (١/ ٦٨ - ٧١).
(٢) "علوم الحديث" (ص ١٩٤ - ١٩٥).
(٣) "مكمل إكمال الإكمال" (١/ ١٧ - ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>