والمنازعة، وقوله (فإنكم ترونه كذلك) هذا تشبيه للرؤية ولحالة الرائي لا المرئي ومعناه أنكم تستوون في رؤية الله تعالى من غير مضارة ولا مزاحمة كما تستوون في رؤية الشمس والبدر عيانًا، وقد تأولت المعتزلة الرؤية في هذه الأحاديث بالعلم فقالوا: إنَّ معنى رؤيته تعالى أنه يعلم في الآخرة ضرورة وهذا خطأ لفظًا ومعنى، وأما اللفظ فهو أن الرؤية بمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين ولا يجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر وهي قد تعدت هنا إلى مفعول واحد فهي للإبصار، ولا يصح أن يقال إنَّ الرؤية بمعنى المعرفة لأن العرب لم تستعمل رأيت بمعنى عرفت لكن بمعنى علمت أو أبصرت واستعملت علمت بمعنى عرفت لا رأيت بمعنى عرفت، وأما المعنى فمن وجهين:
أحدهما أنه صلى الله عليه وسلم شبه رؤية الله تعالى بالشمس وذلك التشبيه لا يصح إلَّا بالمعاينة.
وثانيهما أن الكفار يعلمونه تعالى في الآخرة بالضرورة فترفع خصوصية المؤمنين بالكرامة وبلذة النظر وذلك التأويل منهم تحريف حَمَلَهُم عليه ارتكاب الأصول الفاسدة والعقائد الزائغة.
وذلك أنه (يجمع الله) سبحانه وتعالى (الناس يوم القيامة) في موقف واحد (فيقول) لهم حين أراد فصل القضاء (من كان يعبد) دون الله (شيئًا) من المعبودات (فليتبعه) إلى النار أي فليلحقه إلى النار أمر من الاتباع بتشديد التاء (فيتبع من كان يعبد الشمس) وقوله (الشمس) ثانيًا مفعول يتبع، والأول مفعول يعبد وكذا يقال في القمر مرتين، والطواغيت كذلك في قوله (ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت) جمع طاغوت، قال الليث وأبو عبيدة والكسائي وجماهير أهل اللغة: الطاغوت كل ما عبد من دون الله تعالى حيًّا كان أو ميتًا جمادًا كان أو حيوانًا إنسًا أو جنًّا أو ملكًا أو شيطانًا أو كاهنًا ولكن المراد به في هذا الحديث الأصنام، قال الواحدي: الطاغوت يكون واحدًا وجمعًا ويؤنث ويذكر قال الله تعالى في الواحد: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} وفي الجمع: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ} وهو نظير فلك جمعًا ومفردًا بلفظ واحد، وقال في المؤنث: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا