للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالى، فِي صُورَةٍ غَيرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ اللهُ

ــ

الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} قال في المصباح: هو في تقدير فَعْلُوت بفتح العين لكن قدمت اللام موضع العين، واللام واو محركة مفتوح ما قبلها فقلبت ألفًا فبقي في فلعوت وهو من الطغيان الذي هو مصدر طغى قاله الزمخشري، وفي الصحاح: والطاغوت وإن جاء على وزن لاهوت فهو مقلوب لأنه من طغى ولاهوت غير مقلوب لأنه من لاه بمنزلة الرغبوت والرهبوت والرحموت. اهـ

(وتبقى هذه الأمة) المحمدية بعد ذهاب سائر الأمم إلى النار مع معبوداتها حالة كونها متسترون (فيها منافقوها) زاعمين أنهم منهم ظن المنافقون أن تسترهم بالمؤمنين في الآخرة ينفعهم وينجيهم كما نفعهم في الدنيا جهلًا منهم بأن الله تعالى عالم بهم ومطلع على ضمائرهم وهذا كما قد أقسمت طائفة من المشركين أنهم ما كانوا مشركين توهمًا منهم أن ذلك ينجيهم، ويحتمل أن يكون حشرهم مع المسلمين لما كانوا يظهرونه من الإسلام فحفظ عليهم ذلك حتى يميز الله الخبيث من الطيب، ويحتمل أنه لما قيل لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فاتبع الناس معبوداتهم ولم يكونوا عبدوا شيئًا فبقوا هنالك حتى ميزوا ممن كان يعبد الله (فيأتيهم الله) سبحانه (تبارك وتعالى) أي يتجلى لهم ويظهر (في صورة) أي بصفة من صفات الحوادث (غير صورته) أي غير صفته (التي) كانوا (يعرفونـ) ـها في الدنيا من كتابه العزيز ومن سنة رسوله الكريم كقوله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وكلمة (في) في قوله (في صورة) بمعنى الباء فيكون معنى الكلام أن الله تعالى يجيئهم ويظهر لهم بصورة كما قيل في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} أي بظلل ويكون معنى الإتيان هنا يحضر لهم تلك الصورة وهذه الصورة التي لا يعرفونها هي مخلوقة (فيقول) الله سبحانه وتعالى لهم بواسطة تلك الصورة (أنا ربكم) فاتبعوني، وفي الأبي: أي يبعث الله سبحانه وتعالى لهم صورة يمتحنهم بها فتقول تلك الصورة، وقال النواوي: أو يتخرج على حذف مضاف أي فيأتيهم أحد من الملائكة ويقول لهم ذلك الملك أو تلك الصورة أنا ربكم (فيقولون نعوذ بالله منك) أي من اتباعك (هذا) الموقف (مكاننا) أي مستقرنا (حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا) أي تجلى لنا (عرفناه) أي عرفناه بصفته التي بين لنا في كتابه (فيأتيهم الله) سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>