قولهم (أجيزي صوفةُ) أي أجزنا وذلك أن صوفة كان رجلًا معظمًا في قريش يقتدى به في مناسك الحج فلا يجوز أحد في شيء من مواقفه حتى يجوز هو فكان الناس يستعجلونه فيقولون: أجز صوفة، أي ابتدئ بالجواز حتى نجوز بعدك فكان يمنعهم بوقوفه ويجيزهم بجوازه ثم بقي ذلك في ولده فقيل للقبيلة (أجيزي صوفة) فكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته على الصراط فلا يجوز أحد حتى يجوز هو وأمته فكأنه يجيز الناس.
(ولا يتكلم يومئذ) أي حينئذ أي حين إذ يجوزون على الصراط لشدة الأهوال وإلا ففي يوم القيامة مواطن يتكلم الناس فيها وتجادل كل نفس عن نفسها ويسأل بعضهم بعضًا ويتلاومون ويخاصم التابعون المتبوعين أي ولا يتكلم حينئذ أحد (إلا الرسل ودعوى الرسل) أي دعاؤهم جاء بالمصدر مؤنثًا (يومئذ) أي يوم إذ يجوزون على الصراط (اللهم سلم سلم) أي سلم المارين من السقوط في جهنم وذلك من كمال شفقتهم ورحمتهم للخلق، وفيه أن الدعوات تكون بحسب المواطن فيدعى في كل موطن بما يليق به والله أعلم.
(وفي) قعر (جهنم كلاليب) شكلها (مثل) شكل (شوك السعدان) تطلع من جانب الصراط، والكلاليب بزنة المفاعيل جمع كَلُّوب بفتح الكاف وضم اللام المشددة وهي حديدة معوجة الرأس يعلق فيها اللحم وترسل في التنور ليقلى اللحم ومثل ما يوجد في دكاكين المقادى، قال صاحب المطالع: هي خشبة في رأسها عقاقة حديد وقد تكون حديدًا كلها، ويقال لها أيضًا كلاب، والسعدان بفتح السين وإسكان العين المهملتين نبت له شوكة عظيمة من كل الجوانب مثل الحسك؛ والحسك بفتحتين جمع حسكة والحسكة كل شجر شائك، وفي المفهم: والسعدان نبت كثير الشوك شوكه كالخطاطيف والمحاجن في الأرمية "قجما".
قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبًا للحاضرين (هل رأيتم السعدان) أي شجره (قالوا نعم) رأيناه (يا رسول الله، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنها) أي فإن الكلاليب شكلها (مثل) شكل (شوك السعدان غير أنه) أي غير أن الشأن (لا يعلم ما قدر