للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، لَا نُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا (مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا) حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ: هَل بَينَكُمْ وَبَينَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيُكشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسجُدُ للهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلَّا أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاء وَرَياءً إِلَّا جَعَلَ اللهُ

ــ

نعوذ بالله منك) أي من فتنتك (لا نشرك بالله شيئًا) قال الملك ذلك (مرتين أو ثلاثًا) والشك من الراوي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الملك لهم أنا ربكم مرتين أو يقول لهم ثلاثًا أي يكرر الملك عليهم قوله أنا ربكم (حتى إن بعضهم) أي بعض الباقين في الموقف (ليكاد أن ينقلب) ويرجع عن الصواب للامتحان الشديد الذي جرى لهم، قال النواوي: قوله (ليكاد أن ينقلب) هكذا في الأصول بإثبات أن وإثباتها مع كاد لغة كما أن حذفها مع عسى لغة وينقلب بياء مثناة من تحت ثم نون ثم قاف ثم لام ثم باء موحدة، والمعنى كرر عليهم ذلك حتى إنَّ بعضهم قارب أن يرجع عن الصواب للامتحان الذي جرى لهم.

(فيقول) الملك الذي تصور لهم بصورة أدنى (هل بينكم وبينه) أي بين ربكم (آية) أي علامة وصفة (فتعرفونه) أي فتعرفون ربكم (بها) أي بتلك الآية (فيقولون نعم) بيننا وبينه علامة وصفة نعرفه بها، والآية هي ما علموا من أنه ليس كمثله شيء (فيكشف) قال النواوي: بفتح الياء وضمها وهما صحيحان أي يكشف الله سبحانه وتعالى (عن ساق) له تعالى ويتجلى لهم بصفاته الجلالية والجمالية، والمذهب الأسلم الأعلم هنا وفي نظائره من أحاديث الصفات وآياتها مذهب السلف، والساق عندهم صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ليست كساقنا لقوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وهذا المذهب هو الذي نلقى عليه الرب سبحانه وقد بسطنا الكلام على صفة الساق في سورة النون في تفسيرنا حدائق الروح والريحان فراجعه إنَّ أردت الخوض فيه، أي يكشف الله عنهم المانع عن رؤيته ويتجلى لهم بساقه (فلا يبقى من كان يسجد) في الدنيا (لله) سبحانه وتعالى مخلصًا (من تلقاء نفسه) أي من جهة نفسه لا لملاحظة مخلوق برياء وسمعة (إلَّا أذن الله) تعالى (له) في الخضوع له ويسر له (بالسجود) كما كان يسجد له في الدنيا (ولا يبقى من كان يسجد) في الدنيا (اتقاء) أي وقاية وحذرًا من شر المؤمنين وعقوبتهم (ورياء) أي إراءة لعبادته وصلاته للناس (إلَّا جعل الله) سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>