للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَسْتَظِلُّ بظلها ويشربُ من مائها، ثُمَّ ترفع له شجرةٌ عند باب الجنة هي أحسنُ منَ الأوليين. فيقولُ: أي رَبِّ, أدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأسْتَظِّل بِظِلِّهَا وَأشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، لا أَسْألُكَ غيرَهَا, فيَقوْل: يَا ابْنَ آدَمَ, ألمْ تُعَاهِدْنِي أنْ لا تَسْألْنِي غيرَهَا؟ قَال: بَلَى. يَا رَبِّ, هَذِهِ لا أَسْأَلُكَ غيرَهَا، وَرَبّهُ يَعْذُرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيهَا، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا، فَيَسْمعُ أصْوَاتَ أهْلِ الجَنَّةِ، فَيَقُوْلُ: أي رَبِّ, أدْخِلْنِيهَا. فَيَقُوْلُ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَا يَصْرِيني مِنْكَ؟ أَيُرْضِيكَ أنْ أُعْطِيَكَ الدُّنيا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَال: يَا رَبِّ! أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي، وَأنْتَ رَبُّ العَالمِينَ

ــ

الشجرة الثانية (فيستظل بظلها) أي بظل تلك الشجرة الثانية (ويشرب من مائها ثم تُرفع له شجرة) أخرى ثالثة (عند باب الجنة هي أحسن) وأنضر (من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه) الثالثة (لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها) أي غير هذه الثالثة (فيقول) الرب سبحانه (يا ابن آدم ألم تعاهدني) أي ألم تعطني العهد على (أن لا تسالني غيرها) أي غير هذه الثالثة (قال بلى يا رب) عاهدتك ولكن أعطني (هذه) المرة (لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها فيُدنيه) أي يُقربه (منها فإذا أدناه) وقربه (منها) رأى عجبًا لم ير قط (فيسمع أصوات أهل الجنة) وأغانيهم (فيقول أي رب أدخلنيها) أي أدخلني الجنة (فيقول) الرب سبحانه (ما يصريني منك) أي ما يصريك عني أي ما يقطعك عن مسألتي، والصَّرْيُ: القطع، من صرى الثلاثي قاله الحربي وكذا قاله الهروي أي ما يصريك مني قال، يقال صريت الشيء إذا قطعته، والمعنى أي شيء يرضيك ويقطع السؤال بيني وبينك (أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها قال يا رب أتستهزئ) وتسخر (مني وأنت رب العالمين) قال النواوي: هكذا قال هنا، وفي الرواية الأخرى (أترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول رضيت رب، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول هذا لك وعشرة أمثاله) فهاتان الروايتان لا تُخالفان الأوليين، فإن المراد بالأولى من هاتين: أن يقال له أولًا لك الدنيا ومثلها ثم يزاد إلى تمام عشرة أمثالها كما بينه في الرواية الأخيرة، وأما الأخيرة فالمراد بها أن أحد ملوك الدنيا لا ينتهي ملكه إلى جميع الأرض بل يملك بعضًا منها ثم منهم مَن يَكْثُرُ البعض الذي يملكه ومنهم من يَقِل بعضه فيُعطى هذا الرجل مثل أحد ملوك الدنيا خمس مرات وذلك كله قدر الدنيا كلها ثم يقال

<<  <  ج: ص:  >  >>