قال المؤلف رحمه الله تعالى: قال الحجاج: هكذا لفظ الحديث الذي رويته عن شيخِي أبي نعيم الفضل بن دكين (أو) لفظه (كما قال أبو نعيم) والشك من حجاج بن الشاعر شيخ المؤلف وهذا أدب معروف من آداب الرُّواة وهو أنه ينبغي للراوي إذا روى الحديث بالمعنى أن يقول في آخره عقب روايته أو الحديث: كما قال شيخي احتياطًا وخوفًا من تغيير وتحريف.
قال الأبي: واعلم أن الخوارج تُكفِّر بالذنوب وهو سبب خروجهم عن الناس وتقول بتخليد العاصي في النار محتجين على التكفير بالآية الأولى يعني قوله {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيتَهُ} ووجه الدليل منها أنه يتركَّب منها مع غيرها قياس من الشكل الأول فيقال العاصي يدخل النار وكل داخل النار مخزي، فينتج العاصي مخزي ثم يركَّب من هذه النتيجة قياس ثان من الشكل الثاني فيقال العاصي مخزي ولا شيء من المخزي بمؤمن، والصغرى صادقة لأنها نتيجة الشكل الأول والكبرى كذلك لقوله تعالى {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} يُنتج لا شيء من العاصي بمؤمن، وأجيب بأن والذين آمنوا ليس بمعطوف على النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو مبتدأ مستأنف خبره نورهم يسعى، واحتجوا على التخليد بالآية الثانية، والجواب أنها في الكفار أو أنها مخصوصة بهذه الأحاديث، ولمَّا كان الحديث نصًّا في إبطال الأمرين وعلم يزيد أن جابرًا لا يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم رجع عن رأي الخوارج.
قال القاضي: واختلفَت الأحاديث في المقام المحمود فذكر جابر في هذا الحديث أنه خروج العصاة بشفاعته صلى الله عليه وسلم ويأتي من حديث ابن عمر ما ظاهره أنه الشفاعة في تعجيل الحساب، وفي حديث جابر: يُنادى يوم القيامة والناس سكوت يا محمد فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك .. الخ، وفي حديث كعب بن مالك يُحشر الناس على تل فنكْسَى حُلَّة خضراء ثم يُنادى بي: فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود، وعن عبد الله بن سلام: محمد على كرسي الرب بين يدي الله عز وجل، ورُوي عن مجاهد في ذلك قول منكر لا يصح ولو صح يُتأول ويَقْرُبُ من قول عبد الله بن سَلَام ويُخرَّج من جملة الأحاديث أن المقام المحمود كون آدم - عليه السلام - وذريته تحت لوائه في عرصات القيامة من أول اليوم إلى دخول الجنة وخروج من يخرج من النار وأوَّل ذلك إجابة المنادي وحمده الله عزَّ وجلَّ بما ألهمه ثم الشفاعة في تعجيل