أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني الصحابي المُكثر، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا أبا هريرة فإنه مدني (قال) أبو هريرة رضي الله عنه (أُتي) بصيغة المضارع المبني للمجهول (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أتاه آت (يومًا) من الأيام (بلحم) شاة (فرُفع إليه) بالبناء للمجهول أيضًا أي رُفع إليه صلى الله عليه وسلم (الذراع) أي الكتف أي رفعها إليه أحد من الحاضرين من القصعة ووضعه في يده صلى الله عليه وسلم ليأكله (وكانت) الذراع (تعجبه) من بين سائر لحم الشاة.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: محبته صلى الله عليه وسلم للذراع لنضجها وسرعة استمرائها مع زيادة لذتها وحلاوة مذاقها وبُعدها عن مواضع الأذى والقذر، وقد روى الترمذي بإسناده عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما كانت الذراع أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن كان لا يجد اللحم إلا غِبًّا فكان يعجل إليها لأنها أعجلها نضجًا (فنهس) صلى الله عليه وسلم أي أخذ بأطراف أسنانه وقطع (منها) أي من لحم الذراع (نهسة) أي أخذة أي مرة وفي المرقاة فنهس أي أخذ بمقدم أسنانه منها أي من الذراع يعني مما عليها من اللحم.
قال القاضي: أكثر الرواة على أنه بالسين المهملة ووقع لابن ماهان (نهش) بالشين المعجمة وكلاهما صحيح بمعنى الأخذ بأطراف الأسنان.
قال الهروي: قال أبو العباس ثعلب: النهس بالمهملة أطراف الأسنان وبالمعجمة الأضراس (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا سيد الناس يوم القيامة) والسيد الفائق قومه المفزوع إليه عند الشدائد، وعبارة المفهم (أنا سيد الناس) المُقدَّم عليهم والسيد هو الذي يسُودُ قومه أي يفُوقهم بما جمع من الخصال الحميدة بحيث يلجئون إليه ويُعوِّلون في مهماتهم.
قال الشاعر:
فإن كنت سيدنا سُدْتنا ... وإن كنت للخال فاذهب فخُل
وقد تحقق كمال تلك المعاني كلها لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك