للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِن رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثلَهُ. وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشجَرَةِ فَعَصَيتُهُ، نَفْسِي، نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيرِي،

ــ

هذه الكروب وكشفها عنا (إلى ربك) أي عند ربك (ألا ترى) وتنظر (إلى ما نحن فيه) من الشدائد (ألا ترى إلى ما بلغنا) أي وصل إلينا وحل بنا من الأهوال (فيقول آدم) عليه السلام (إن ربي) قد (غضب) وسخط (اليوم غضبًا لم يغضب) قَطُّ (قبله) أي قبل هذا اليوم (مثله) أي مثل ذلك الغضب (و) غضب اليوم غضبًا (لن يغضب) عَوْضُ (بعده) أي بعد هذا اليوم (مثله) أي مثل ذلك الغضب. قال النواوي: والمراد بغضب الله تعالى ما يظهر من انتقامه ممن عصاه وما يرونه من أليم عذابه وما يُشاهده أهل المجمع من الأهوال التي لم تكن قبل ولن يكون مثلها بعد ولا شك في أن هذا كله لم يتقدم قبل ذلك اليوم مثله ولا يكون بعده مثله، وهذا معنى غضب الله تعالى كما أن رضاءه ظهور رحمته ولطفه بمن أراد به الخير والكرامة لأن الله تعالى يستحيل في حقه التغير في الغضب والرضاء، والله أعلم.

قلت: والمذهب الأسلم في أحاديث الصفات وآياتها إمرارها على ظاهرها وعدم تأويلها، وعليه فالحق أن يقال هنا غضب الله تعالى صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها والله تعالى أعلم وكذا يقال في رضائه تعالى.

قال السنوسي: (فإن قلت) كون ما وُجد من الانتقام في ذلك اليوم لم يُوجد قبلُ ظاهرٌ وأما كونه لا يُوجد بعده فليس بظاهر كيف وعذاب الكافرين بعده لا ينقطع (قلت) إن المخاوف في ذلك اليوم عظمت حتى خاف المطيع، بل ورد إن جهنم حين تزفر لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه وبعد هذا اليوم وانقضائه باستقرار كل فريق في منزله لا يكون الحال هكذا بل أهل الجنة يأمنون ويحل عليهم الرضوان الذي لا سخط بعده أبدًا فالخوف العام والهول الأعظم الذي خاف من أجله البرآء أن ينالهم توبيخ أو ملام لم يكن قبل ذلك اليوم ولا يكون بعده على الدوام، اهـ منه.

(وإنه) سبحانه وتعالى (نهاني عن) أكل ثمر (الشجرة) التي هي الموز أو غيرها على ما قيل كما بسطت الكلام عليها في الحدائق (فعصيته) أي فعصيت نهيه بأكلها تُهمُّني اليوم (نفسي نفسي) مرتين على التأكيد (اذهبوا إلى غيري) ممن يصلح لهذه الشفاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>