للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَدْنُو الشَّمسُ فَيَبلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَمَا لَا يَحتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ. فَيأْتُونَ آدَمَ. فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا

ــ

الرحمان محيط بالجميع في مستوى الأرض وغيرها وإنما المراد بصر الناظر، وقال أبو حاتم والمحدثون يقولون: بالذال المعجمة وإنما هو بالمهملة أي يرى جميعهم من نفدت وأنفدت. اهـ، وقال صاحب المطالع: معناه أنه يحيط بهم الناظر لا يخفى عليه منهم شيء لاستواء الأرض أي ليس فيها ما يستتر به أحد عن الناظرين.

قال السنوسي: والمقصود من هذه العبارة والله أعلم الكناية عن بروز الجميع في أرض مستوية ليس بعضها أخفض من بعض ولا فيها سرب ولا مدخل ولا شجر يستتر به أحد ويخفي نفسه حتى لا ينال حر الشمس ولا يُشاهد تلك الأهوال العظام لأن تعلق البصر بكل واحد من جماعة واستماعهم لداعيهم يستلزم عادة استواءهم في الظهور فعبَّر بهذا الملزوم وأُريد لازمه على ما تقرر في الكناية، وبهذا تَعْرِف ضعف تفسير البصر ببصر الرحمن لفوات الكناية معه وخلو الكلام عن الفائدة، والله تعالى أعلم.

(وتدنو) أي تقرب (الشمس) إليهم (فيبلغ الناس) أي يحصل لهم (من الغم) والهم (والكرب) والشدة (ما لا يطيقون) الصبر عليه (وما لا يحتملون) أي لا يقدرون حمله (فيقول بعض الناس لبعض) على سبيل الشكاية (ألا ترون ما أنتم فيه) من الشدائد والكروب (ألا ترون ما قد بلغكم) وحل بكم من الشدائد التي لا يُطاق حملها (ألا تنظرون) وتطلبون (من يشفع لكم) أي من يطلب لكم الخير والنجاة من هذه الشدائد (إلى ربكم) أي عند ربكم وقد قدَّمنا أن معنى الشفاعة طلب الخير من الغير للغير (فيقول بعض الناس لبعض ائتوا آدم) أبا البشر أي اذهبوا إليه واطلبوا الشفاعة منه (فيأتون آدم فيقولون) له (يا آم أنت أبو البشر) وجدُّهم الأعلى ولك منزلة وخاصية عند ربك لم توجد لغيرك؛ لأنه قد (خلقك الله) سبحانه وتعالى وأوجدك (بيده) أي بلا واسطة وَالِدَينِ (ونفخ فيك من روحه) بلا سبق مادة أصل آدمي (وأمر الملائكة) بالسجود لك (فسجدوا لك) ولك خصائص لم توجد لغيرك تُوجب لك منزلة عند ربك (اشفع لنا) أي اطلب لنا الخروج من

<<  <  ج: ص:  >  >>