للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.

[١٢] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُول: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ

ــ

الشأن أيضًا، ويحتمل كونها بمعنى لا النافية؛ أي: اعْلَمْ أَنَّه لا (يَسْلَمُ) عن الخطإ (رجلٌ) أي: شخصٌ (حَدَّثَ) أي: يُحَدِّثُ كما في الأَثَرَينِ قبلَه (بكُلِّ ما سَمِعَ) من الناس؛ أي: لا يَسْلَمُ من الكذب في العادة (ولا يكونُ) ذلك الرجلُ (إمامًا) أي: مُقْتَدًى به (أبدًا) أي: في جميع أحواله في عِلْمِه ولا في عَمَلِه؛ أي: لا يُقْتَدى به في أقوالِه ولا في أفعالِه (وهو يُحَدِّثُ) أي: والحالُ أَنَّهُ يُحَدِّثُ ويَنْقُلُ ويُخْبِرُ (بكُل ما سَمعَ) قبلَ تمييز صحيحهِ من سقيمهِ وصِدْقِه من كَذِبه؛ لأن النُّقَّادَ يَطَّلِعُون على خَطَئِه فيتركون الاعتمادَ عليه فتسقط إِمامتُه (١).

قال النوويُّ: (معنى هذا الكلام: أنه إِذا حَدَّثَ بكُل ما سَمِعَ .. كَثُرَ الخطأُ في روايته، فتُرِكَ الاعتمادُ عليه والأَخْذُ منه) اهـ (٢).

وقال القرطبيُّ: (إذا وُجدَ الكذبُ في روايته .. لم يُوثَقْ بحديثه، وكان ذلك جَرْحَةً فيه، فلا يصلح لِيَقْتَدِي به أحَدٌ ولو كان عالمًا، فلو بيَّنَ الصحيحَ من السقيمِ والصادقَ من الكاذبِ .. سَلِمَ من ذلك، وتَفَصَّى عن عُهْدَةِ ما يَجِبُ عليه من النصيحة الدينية) اهـ (٣).

ورجالُ هذا الأَثَرِ اثنان كلاهما مصريان ثقتان.

ثم استشهد المؤلِّفُ رحمه الله تعالى رابعًا بأَثَرِ عبد الرحمن بن مهدي فقال:

[١٢] (وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى) العَنَزي أبو موسى البصري.

(قال) ابنُ المُثَنَّى: (سَمِعْتُ عبدَ الرحمنِ بنَ مَهْدِيٍّ) الأزدي البصري حالة كونه (يقولُ) أي: عبد الرحمن: (لا يكونُ الرجلُ) أي: الشخصُ (إمامًا) أي: مُؤْتَمًّا (يُقْتَدى به) ويتَّبَعُ في عِلْمِه وعَمَلِه (حتى يُمْسِكَ) نَفْسَه وَينزَجِرَ (عن) تحديث وإِخبار (بعضِ ما سَمِعـ) ـه من الناس، ممَّا لم يَتَيَقَّنْ صِدْقَه وصِحَّتَه.


(١) "مكمل إكمال الإكمال" (١/ ١٩ - ٢٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٧٥).
(٣) "المفهم" (١/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>