وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون وفيه رواية تابعي عن تابعي واتفاق صحابِيَّين فيما رويا وفيمن روى عنهما (قالا) أي قال كل من قبيصة وزهير (لما نزلت) آية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} قال) أي قال كل من قبيصة وزهير، قال النواوي: قال هنا بمعنى قالا لأن المراد أن قبيصة وزهيرًا قالا ولكن لما كانا متفقَين وهما كالرجل الواحد أفرد فعلهما ولو حذف لفظة قال كان الكلام واضحًا منتظمًا ولكن لما حصل في الكلام بعض الطول حَسُنَ إعادة قال للتأكيد ومثله في القرآن العزيز كقوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} فأعاد أنكم مخرجون وله نظائر كثيرة في القرآن العزيز والحديث انتهى أي قال الراوي الذي هو هما (انطلق) وذهب (نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى رضمة) أي إلى حجارة مجتمعة بعضها فوق بعض كائنة (من جبل) الصفا كما هو لفظ الحديث السابق والرضمة بفتح الراء وإسكان الضاد المعجمة وبفتحها لغتان حكاهما صاحب المطالع وغيره، واقتصر صاحب العين والجوهري والهروي وغيرهم على الإسكان وابن فارس وبعضهم على الفتح قالوا والرضمة واحدة الرضَم والرضام وهي صخور عظام بعضها فوق بعض وقيل هي دون الهضاب، قال (ع) هي الصخور بعضها فوق بعض، ومنه حديث كان البناء الأول من الكعبة رضمًا، وقولهم بنى داره برضم، وقال صاحب العين: الرضمة حجارة مجتمعة ليست بثابتة في الأرض كانها منثورة أي ذهب إلى صخرة من صخور الجبل (فَعَلا) أي رَقِيَ (أعلاها) أي أرفعها (حجرًا) ليكون أندى للصوت أي رقى أرفع الصخور ليكون أبلغ في إنداء الصوت وإبلاغها إلى أهله (ثم) بعدما رقي النبي صلى الله عليه وسلم أعلاها (نادى) وصاح بقوله (يا بني عبد منافاه) بألف الندبة والهاء للسكت والندبة نداء المتفجع عليه أي يا بني عبد مناف أتوجع لكم وأتفجع عليكم لأنكم أحاط بكم الهلاكُ الأبدي بسبب الشرك والضلال وأصله يا بنين لعبد مناف حذفت النون واللام للإضافة فصار يا بني، وإعرابه يا حرف نداء، بني منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، بني مضاف، عبد مضاف مجرور بكسرة ظاهرة، عبد مضاف منافاه مضاف إليه