مجرور بكسرة مقدرة مَنَعَ من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة المجلوبة لمناسبة ألف الندبة والهاء حرف زائد للسكت، وقوله (إني نذير) أي مُنذر ومُخوف لكم من عذاب الله تعالى جواب النداء (إنما مثلي ومثلكم) أي إنما شبهي وشبهكم (كمثل رجل) وقوم (رأى) وأبصر ذلك الرجل (العدو) أي عدو قومه يقصد ذلك العدو الإغارة والهجوم على قومه (فانطلق) أي ذهب ذلك الرجل الذي رأى العدو إلى مجتمع قومه ليُخبرهم بهجوم العدو عليهم حالة كونه (يربأ) على وزان يقرأ أي حالة كونه يريد أن يربا (أهله) وقومه ويحفظهم من هجوم العدو وإغارته عليهم على حين غفلة منهم (فخشي) أي خاف ذلك الرجل حينما رجع قُدَّام العدو إلى قومه (أن يسبقوه) أي أن يسبق العدو إلى قومه ويهجم عليهم قبل وصوله إليهم وإخباره لهم، وأتى بضمير الجمع العائد إلى العدو لأنه فعول يُطلق على الجمع وعلى الفرد (فجعل) ذلك الرجل أي شرع (يهتف) أي أن يصيح ويصرخ قومه ليكونوا على حذر من العدو بقوله (يا صباحاه) بألف الندبة وهاء السكت أي يا هلاك قومي في الصباح أَقْبِل إلي لأتفجع منك. قال النواوي: أما قوله: (يربأ) فهو بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها باء موحدة ثم همزة على وزن يقرأ ومعناه يحفظهم ويتطلع لهم ويقال لفاعل ذلك ربيئة وهو العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهَمَهم العدو ويهجمهم على حين غفلة منهم ولا يكون في الغالب إلا على جبل أو شُرَف أو شيء مرتفع لينظر إلى بُعد، قال المازري: يربا من الربيئة وهي الطليعة والعين، قال الشاعر:
فأرسلنا أبا عمر ربيئًا
أي طليعة وجاسوسًا، قال القاضي: الرواية الصحيحة يربأ بالباء الموحدة، وعند العذري وغيره يرتأ بالتاء المثناة من فوق مكان الباء ولا وجه له هنا. اهـ، وفي تفسير ابن جرير يربؤ وهو من غلط الطبع، وأما قوله يهتف فهو بفتح الياء وكسر التاء فمعناه يصيح ويصرخ إلى قومه وقولهم يا صباحاه فهي كلمة يعتادون القول بها عند وقوع أمر عظيم وخطب خطير ليجتمعوا ويتأهبوا له، والله أعلم. وهذا الحديث أعني حديث قبيصة وزهير شارك المؤلف في روايته النسائي فقط.