والأقارب بالصلات والعطايا (ويُطعم المسكين) والفقير والمحاويج (فهل ذلك) الذي فعله من صلة الرحم وإطعام المساكين (نافعه) في الآخرة برفع العذاب عنه أو تخفيفه عليه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ينفعه) عمله ذلك (إنه) أي لأن ابن جدعان (لم يقل يومًا) من أيام حياته (رب اغفر لي خطيئتي) وذنبي (يوم الدين) أي يوم الجزاء وهو يوم القيامة، وهذا يدل على أنه لم يؤمن باليوم الآخر فهو كافر، فالكافر لا يُثاب على حسناته لعدم شرط قبولها وهو الإيمان.
وعبارة المفهم (قول عائشة هل ذلك نافعه؟ ) معناه هل ذلك مخلصه من عذاب الله المستحق بالكفر؟ فأجابها بنفي ذلك وعَلَّلَهُ بأنه لم يؤمن، وعئر عن الإيمان ببعض ما يدل عليه وهو قوله (لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) ويُقتبس منه أن كل لفظ يدل على الدخول في الإسلام اكتُفي به ولا يلزم من أراد الدخول في الإسلام صيغة مخصوصة مثل كلمتي الشهادة بل أي شيء دل على صحة إيمانه ومجانبة ما كان عليه اكتُفي به في الدخول في الإسلام ولابد له مع ذلك من النطق بكلمتي الشهادة فإن النطق بهما واجب مرة في العمر، انتهى منه.
قال النواوي: معنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافرًا وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) أي لم يكن مُصدقًا بالبعث ومن لم يُصدق به فهو كافر ولا ينفعه عمل، قال القاضي عياض: وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يُثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن بعضهم أشد عذابًا من بعض بحسب جرائمهم هذا آخر كلام القاضي، وذكر الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه البعث والنشور نحو هذا عن بعض أهل العلم والنظر، قال البيهقي: وقد يجوز أن يكون حديث ابن جدعان وما ورد من الآيات والأخبار في بطلان خيرات الكافر إذا مات على الكفر ورد في أنه لا يكون له موقع التخلص من النار وإدخال الجنة ولكن يُخفف عنه من عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر بما فعل من الخيرات هذا كلام البيهقي، قال العلماء: وكان ابن جدعان كثير الإطعام وكان اتخذ للضيفان جَفْنَة يُرْقى إليها بسُلم، اهـ.