للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إلا ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَكُذِّبَ فِي حَدِيثِهِ

ــ

والكذبِ في الحديثِ المَرْويِّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و(الشَّنَاعَةُ) بفتح الشين: هي البشاعةُ والقبحُ، والشَّناعةُ في الحديث: هو ما يُسْتَقْبَحُ ويُسْتَنْكَرُ منه، يُقال: شَنُعَ الشيءُ -بالضم- أي: قَبُحَ، فهو أَشْنَعُ وشَنِيعٌ، وشَنِعْتُ بالشيءِ -بكسر النون-: أَنْكَرْتُه، وشَنَّعْتُ على الرجل مشدّدًا: ذَكَرْتُه بقُبْحٍ، وشَنِعْتُ بالشيء بكسر النون مخفّفًا: أنكرتُه، وشَنُعَ الشيءُ بضمّها: قَبُحَ في نفسه (١).

قال النوويُّ: (ومعنى كلامه: أُحَذِّرُكَ يا سفيانُ أنْ تُحَدِّثَ بالأحاديثِ المنكرةِ التي يُشَنَّعُ بها على صاحبها، ويعَيَّبُ بها، ويُنْكَر ويُقَبَّحُ بها حالُ صاحبها فيُكذَّب أو يُسترابُ في روايته إِياها، فتَسْقُطُ منزلتُه عند الناس ويَذِلُّ في نفسه) اهـ (٢) بزيادة.

والحاصلُ: أنه حَذَّرَه ومَنَعَه عن رواية الأحاديثِ ذوات الشَّناعةِ والقَبَاحةِ والبَشَاعةِ.

(فإِنَّه) أي: فإِنَّ الشأنَ والحال (قَلَّمَا حَمَلَها أَحَدٌ) أي: قَلَّ حَمْلُ أحدٍ من الناس تلك الأحاديثَ الشنيعةَ القبيحةَ المنكرةَ (إلا ذَلَّ في نَفْسِهِ) أي: إلا صار ذليلًا حقيرًا وَضِيعًا في ذاتهِ عند الناس بعدم الإِصْغاءِ إِلى حديثه (وكُذِّبَ في حديثهِ) أي: نُسِبَ إِلى الكذب في روايته بأنْ يُقال: فلانٌ كَذَّابٌ لا يُسْمَعُ حديثُه ولا يُقْبَلُ ولا يُكْتَبُ، فالبعرةُ خيرٌ من حديثه.

قال السنوسيُّ: (قلتُ: وانْظُرْ هل هذا خاصٌّ بما لا يَعتقِد صحتَه، أو وإن اعتقدها إِذا كان يَرى أنه لا يُقبلُ منه ويُرَدُّ في وجهه؛ لأنه يَضَعُ من نفسه بغير فائدة؟ والثاني أظهرُ، ويَدُلُّ عليه أَثَرُ ابنِ مسعودٍ المذكورُ بعدَه، والله أعلم) اهـ (٣).


(١) انظر "إِكمال المعلم" (١/ ١١٦)، و "شرح صحيح مسلم" للنووي (١/ ٧٦)، و "مكمل إكمال الإكمال" (١/ ٢٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٧٦).
(٣) "مكمل إكمال الإكمال" (١/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>