للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْحَمْدُ للَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ. وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمدُ للهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ، مَا بَينَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ

ــ

كانت كالإيمان الذي يَجُبُّ ما قبله فكانت شطر الإيمان بالنسبة إلى محو الخطايا، وهذا فيه بعدٌ إذ الصلاة وغيرها من الأعمال الصالحة تكفر الخطايا فلا يكون لخصوصية الطهارة بذلك معنىً ثم لا يصح أيضًا معنى كون الطهارة نصف الإيمان بذلك الاعتبار لأنها إنما تكون مِثْلًا له في التكفير ولا يطلق على المثل للشيء شطره، وقد أطال القرطبي الكلام في ذكر الأقوال وقال في آخره: فالأولى التأويل الأول ما أشرنا إليه، وقال النواوي: اختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان فقيل معناه أن الأجر فيه ينتهي تضعيفه إلى نصف أجر الإيمان، وقيل معناه إن الإيمان يجبُّ ما قبله من الخطايا وكذلك الوضوء لأن الوضوء لا يصح إلا مع الإيمان فصار لتوقفه على الإيمان في معنى الشطر وقيل المراد بالإيمان هنا الصلاة كما في قوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر وليس يلزم في الشطر أن يكون نصفًا حقيقيًّا وهذا القول أقرب الأقوال، ويحتمل أن يكون معناه أن الإيمان تصديق بالقلب وانقياد بالظاهر وهما الشطران للإيمان، والطهارةُ متضمنةٌ الصلاةَ فهي انقياد في الظاهر، والله أعلم اهـ كلامه، وعلى كل الأقوال فقوله (الطهور شطر الإيمان) هو موضع الجزء الأول من الترجمة (والحمد لله) أي كلمة الحمد لله (تملأ) ثوابًا (الميزان) أي ميزان الحسنات لو كان جسمًا يظهر بالعيان، وقال القرطبي: والحمد الثناء على مُثْنىً مَّا بأوصاف كمالِهِ، فإذا حمد الله حامدٌ مستحضرًا معنى الحمد في قلبه امتلأ ميزانه من الحسنات فإذا أضاف إلى ذلك (وسبحان الله) الذي معناه تبرئة الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به من النقائص ملأت حسناته، وثوابها زيادة على ذلك (ما بين السماوات والأرض) إذ الميزان مملوء بثواب التحميد وذكر السماوات والأرض على جهة الإغياء -من أغيا الرجلُ إذا بلغ الغاية- على العادة العربية، والمراد أن الثواب على ذلك كثير جدًّا بحيث لو كان أجسامًا لملأ ما بين السماوات والأرض، قال النواوي: وأما قوله (والحمد لله تملأ الميزان) بالتاء المثناة فوق على معنى كلمة الحمد لله لا على معنى السورة، وبالياء المثناة تحتُ على معنى الذِّكر ومعنى ذلك لعظم أجرها يملأ الميزان، وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأعمال وثقل الموازين وخِفَّتِها، قال الأبي: يريد هذا الذكر فقط لا كل السورة، وامتلاءُ الكفة لا يستلزم رجحانها بل عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>