مرجوحيتها لأن الأخرى إن كانت ملأى ساوتها وإلا رجحت هذه، والمعنى أنها لو كانت أجسامًا لملأته، قال النواوي: وأما قوله (وسبحان الله والحمد لله تملآن) ضبطناه بالتاء المثناة من فوق أي هاتان الكلمتان، ويالياء المثناة من تحت أي هذان الذكران (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي والشك من الراوي أو ممن دونه (تملأ) أي جملة الذكرهرين فالألف في تملآن بالتاء يعود إلى المؤنثتين الغائبتين أي تملأ الكلمتان، وبالياء إلى المذكرين الغائبين أي يملأ الذكران، وفي (تملأ) بالتاء ضمير المؤنثة الغائبة أي تملأ جملة الكلمتين، وبالياء ضمير المذكر الغائب أي يملأ كل من الذكرين، والمقصود من هذا الكلام تفخيم شأن هذه الكلمات على معنى أنها لو قدر أن تكون أجسامًا لبلغت من كثرتها هذا المبلغ ويجوز أن يراد به أجرها وثوابها أفاده ابن الأثير في النهاية.
والمعنى لو قُدِّر ثوابهما جسمًا لملأ ما بين السماوات والأرض وسبب عظم فضلها ما اشتملتا عليه من التنزيه لله تعالى بقوله (سبحان الله) والتفويضِ والافتقارِ إلى الله تعالى بقوله (والحمد لله) والله أعلم اهـ من النواوي بتصرف، يعني أن الحمد إذا أُفْرِد يملأ الميزان وإذا قُرِن بالتسبيح يملأ ما بين السماوات والأرض (والصلاة نور) قال القاضي عياض: أي أجرها نور يسعى بين يدي صاحبها يوم القيامة أو أن الصلاة سبب لإشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق لتفرغ القلب فيها والإقبال بالجسم والقلب على الله تعالى وشغل الجوارح بها عما سواه كما قال صلى الله عليه وسلم "وجُعِلَتْ قرَّةُ عيني في الصلاة" رواه النسائي وأحمد والحاكم (والصدقة برهان) أي دليل على إيمان صاحبها لأن شأن المنافقين اللمزُ فيها، ألا ترى ضعف إيمان من منعها في الردة أيام أبي بكر رضي الله عنه، وعبارة المفهم هنا: قوله (والصدقة برهان) أي على صحة إيمان المتصدق أو على أنه ليس من المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات أو على صحة محبة المتصدق لله تعالى ولما لديه من الثواب إذ قد آثر محبة الله تعالى وابتغاء ثوابه على ما جبل عليه من حب الذهب والفضة حتى أخرجه لله تعالى (والصبر) أي الصبر على العبادات ومشاقِّها وعلى المصائب والصبر عن المخالفات والمنهيات كاتباع هوى النفس والشهوات وغير ذلك (ضياء) أي مُضيء لصاحبه في عواقب أحواله فمن كان صابرًا في تلك الأحوال متثبتًا فيها مقابلًا لكل حال