للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَال رَسُولُ الله صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَينِ، لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

قَال ابْنُ شِهاب: وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: هذا الْوُضوءُ أَسْبَغُ مَا يَتَوَضأُ بِهِ أحَدٌ لِلصَّلاةِ

ــ

لا عموم له. اهـ بذل (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين) فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء وهي من السنن المؤكدة عند الشافعية خلافًا للمالكية صرّح به ابن رسلان، حالة كونه (لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه) بشيء من أمور الدنيا أو بما لا يتعلق بالصلاة من أمور الآخرة ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى لأن هذا ليس من فعله وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر. اهـ نواوي.

وعبارة البذل هنا: والمراد بحديث النفس هنا ما يمكن المرء قطعُهُ لأن قوله يُحدِّث يقتضي تَكَسُّبًا واختيارًا منه، فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه فذلك معفو عنه وبه جزم النواوي، نعم من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلًا أعلى درجة بلا ريب ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا والمراد دفعه مطلقًا، ومنها ما يتعلق بالآخرة كالفكر في معاني المَتْلُوِّ من القرآن والمذكور من الدعوات والأذكار أو في أمر محمود أو مندوب إليه لا يضر ذلك وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إني لأجهِّز جيشي وأنا في الصلاة اهـ.

(غفر له ما تقدم من ذنبه) يعني الصغائر دون الكبائر لأنه قَيَّدَ في بعض تلك الروايات بقوله (ما لم يُؤتِ كبيرة) وأيضًا ورد في النص القرآني ارتفاع الكبيرة بالتوبة بطريق الحصر، وظاهر هذا الحديث يعمُّ الكبائر والصغائر لكنه خُصَّ بالصغائر، والكبائر إنما تُكَفَّرُ بالتوبة وكذلك مظالم العباد، وهذا الحديث أصل عظيم في صفة الوضوء، والأصل في الواجب غسل الأعضاء مرة مرة والزيادة عليها سنة لأن الأحاديث الصحيحة وردت بالغسل ثلاثًا ثلاثًا ومرة مرة ومرتين مرتين وبعض الأعضاء ثلاثًا ثلاثًا وبعضها مرتين مرتين وبعضها مرة مرة فالاختلاف على هذه الصفة دليل الجواز في الكلِّ فإن الثلاث هي الأكمل والمرتان أدنى الكمال والواحدة هي الأقل المجزئ (قال ابن شهاب) بالسند السابق (وكان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ) أي أكمل إما يتوضأ به أحد للصلاة) ومعنى أسبغ أكمل، يقال الدرع السابغ الكامل وقد يقال على هذا، فكيف يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>