وثامنها: أن كل خير وفضل وعلم وجهاد ومعروف فُعِلَ في الشريعة إلى يوم القيامة فحظهم منه أكمل حظ وثوابهم فيه أجزل ثواب لأنهم سَنُّوا سنن الخير وافتتحوا أبوابه وقد قال صَلَّى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
رواه أحمد [٤/ ٣٥٧] ومسلم [١٠١٧] والنَّسائيُّ [٥/ ٧٥ و ٧٦] من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
ولا شك في أنهم الذين سنوا جميع السنن وسابقوا إلى المكارم ولو عُدِّدت مكارمهم وفسرت خواصهم وحصرت لملأت أسفارًا ولكلت الأعين بمطالعتها حيارى، وعن هذه الجملة قال صَلَّى الله عليه وسلم فيما أخرجه البزار عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: "إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا فجعلهم أصحابي" وقال "في أصحابي كلِّهم خير" وكذلك قال صَلَّى الله عليه وسلم "اتقوا الله في أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" رواه البُخاريّ ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكفى من ذلك كله ثناء الله تعالى عليهم جملة وتفصيلًا وتعيينًا وإبهامًا ولم يحصل شيء من ذلك لمن بعدهم فأمَّا استدلال المخالف بقوله صَلَّى الله عليه وسلم "إخواننا" فلا حجة فيه لأنَّ الصّحابة قد حصل لهم من هذه الأخوة الحظ الأوفر لأنَّها الأخوة اليقينية العامة وانفردت الصّحابة بخصوصية الصحبة، وأمَّا قوله "فللعامل منهم أجر خمسين منكم" فلا حجة فيه لأنَّ ذلك إن صح إنَّما هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنَّه قد قال صَلَّى الله عليه وسلم في آخره "لأنكم تجدون على الخير أعوانًا ولا يجدون" ولا بُعْد في أن يكون في بعض الأعمال لغيرهم من الأجور أكثر مما لهم فيه ولا تلزم منه الفضيلة المطلقة التي هي المطلوبة بهذا البحث والله أعلم اهـ من المفهم.
(فقال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (أرأيت) أي أخبرني أيها المخاطب (لو) ثبت (إن رجلًا له خيل) أي أفراسٌ (غرٌّ) أي بيض الوجوه (محجلة) أي بيض الأيدي والأرجل كائنة تلك الخيل (بين ظهري خيل) أي بين خيل (دُهْمٍ) أي سود (بُهْم) أي