خالصة السواد صافيته (ألا يعرف) ذلك الرجل (خيله) الغر المحجلة، والهمزة فيه للاستفهام التقريري، وقوله (بين ظهري خيل) قيل الظهر مقحم وفي الحديث "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غِنىً" والمراد نفس الغني والمعنى هنا بين أفراس دُهْم، قال الأصمعي: تقول العرب "نحن بين ظهريهم وظهرانيهم" على لفظ الاثنين أي بينهم، والعرب تضع الاثنين موضع الجمع، وقوله (دهم) جمع أدهم أي سود من الدهمة وهي السواد، وقال الهروي:(البهم) جمع بهيم وهو الذي لا يخالط لونه لون آخر بل لونه لاشية فيه سوادًا كان أو بياضًا أو حمرة يقال: أسود بهيم وأبيض بهيم ونحوه، وقال القرطبي: والدُّهم جمع أدهم وهو الأسود من الخيل الذي يضرب إلى الخضرة، والبهم جمع بهيم وهو الذي لا لون فيه سوى الدهمة أن (قالوا: بلى يا رسول الله) يعرف خيله بالغرة والتحجيل (قال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (فإنهم) فإن إخواننا الذين لم يأتوا بعد (يأتون) علي (غرًا محجلين من) آثار ماء (الوضوء وأنا فرطهم على الحوض) أي متقدمهم إليه يقال: فرطتُ القوم إذا تقدمت عليهم لترتاد لهم الماء وتهيئ لهم الدلاء والرشا وافترط فلان ابنًا له أي تقدم له ابن، وعلى هنا بمعنى إلى ويحتمل أن يكون متعلقًا بمحذوف دل عليه السياق تقديره فيجدونني على الحوض (ألا) والله (ليذادن) أي يطردن (رجال) من أمتي ويمنعن (عن) ورود (حوضي كما يذاد) ويطرد (البعير الضال) عن صاحبه من حوض النَّاس، قال الإمام: وقع في بعض طرق هذا الحديث "فلا يذادن" على صيغة النَّهي ومعناه على هذا لا يفعلون فعلًا يكون سببًا لذودهم عن حوضي وأكثر الروايات "فليذادن" بلام التأكيد ومعناه فَلَيُبْعَدَنَّ وليُطردن، قال زهير:
ومَن لا يَذُدْ عن حوضه بسلاحه ... يُهَدَّمْ ومَن لا يَظْلِمِ النَّاس يُظْلَمِ
قال القاضي: ويصحح رواية "فلا يذادن" حديث سهل بن سعد عن النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم بمعناه وفيه "فلا يردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم" وهذا مثل قوله تعالى {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} أي لا تفعلا فعلًا يخرجنكما. اهـ. إكمال المعلم.