الشدة قاله في النهاية يقال شق عليه أي ثقل أو حمله من الأمر الشديد ما يشق ويشتد عليه، والمعنى لولا خوف وقوع المشقة عليهم أو أن مصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء والخبر محذوف وجوبًا على كلا التقديرين أي لولا خوف المشقة عليهم موجود أو لولا المشقة عليهم موجودة (لأمرتهم) أمر وجوب (بالسواك) أي باستعمال السواك لأنَّ السواك هو الآلة ويُستعمل أيضًا في الفعل أي لأمرتهم بالاستياك (عند كل صلاة) فرضًا كانت أو نفلًا ولكن خوف المشقة منعني من أمرهم بالاستياك أمر وجوب، ولكن مأمورون به أمر استحباب، قال القارئ في المرقاة: قوله (عند كل صلاة) أي عند وضوئها لما روى ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، والبخاري تعليقًا في كتاب الصوم عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" ولخبر أحمد وغيره "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل طهور) فتَبَيَّن من حديث الباب أن موضع السواك عند كل صلاة، والشافعية يجمعون بين الحديثين بالسواك عند ابتداء كل منهما. اهـ تحفة الأحوذي، والحاصل أنَّه صَلَّى الله عليه وسلم همَّ بإيجاب السواك على أمته ورأى المشقة لضعفهم وعجزهم، فقال: لولا خوف المشقة لأوجبت عليهم السواك فلفظة لولا لامتناع الثَّاني لوجود الأوَّل فإذا ثبت وجود الأوَّل وهو خوف المشقة ها هنا ثبت امتناع الثَّاني وهو وجوب السواك فبقي السواك على نَدْبِيَّتِه في حقهم فهذا يرد مذهب الظاهرية القائلين بالوجوب. اهـ بذل المجهود. وأمَّا هو صَلَّى الله عليه وسلم فالسواك لكل صلاة كان واجبًا عليه دون أمته لأنَّه كان يُناجي ملائكة الله تعالى لأنَّ مناجاتهم يقتضي أن يبتعد عن الرائحة النتنة ولهذا كره أكل الطَّعام الذي فيه البقول النتنة، وفي هذا الحديث دليل على جواز الاجتهاد للنبي صَلَّى الله عليه وسلم فيما لم يرد فيه نص من الله تعالى، وفيه بيان ما كان عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم من الرفق بأمته وفيه دليل على فضيلة السواك عند كل صلاة.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٥/ ٤١٠] والبخاري [٧٢٤٠] وأبو داود [٤٦] والترمذي [٢٢] والنَّسائيُّ [١/ ١٢].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة رضي الله عنه بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: