الطائفي حَبْر الأمة تَرْجُمان القرآن (قال) ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهِما لبُشَيرِ بنِ كَعْبٍ العَدَويِّ: (إنَّما كُنّا) نحن معاشرَ الصحابة (نَحْفَظُ الحديثَ) ونرْويه (والحديثُ) أي: والحالُ أَنَّ الحديثَ (يُحْفَظُ) ويُنْقَلُ (عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) ولا يُكْذَبُ عليه (فأمَّا) تحديثُنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذْ رَكِبْتُمْ) أي: في الزمن الذي رَكِبْتُم فيه (كُلَّ) جَمَلٍ (صَعْبٍ) أي: عَسِرٍ لا يُطِيعُ راكبَه (و) كُلَّ جَمَلٍ (ذَلُولٍ) أي: سَهْلٍ يُطِيعُ راكبَه ( .. فهَيهَاتَ) أي: بَعُدَ عن الوقوع فَضْلا عن كَثْرَتِه.
والفاءُ في (فهَيْهَاتَ) رابطةٌ لجوابِ (أمَّا) النائبةِ عن اسمِ الشَرْطِ وفِعْلِه واقعةٌ في غير موضعها؛ لأنَّ موضعَها موضعُ (أمَّا).
وجملةُ (هَيهَاتَ) في محل الرفعِ خبرُ المبتدإ المُقَدَّرِ بعدَ (أمَّا)، والتقديرُ: فأمَّا تحديثُنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتَ ركوبكم الصَّعْبَ والذَّلُولَ .. فبعيدٌ عن الوُقُوع.
وجملةُ المبتدإ المُقَدَّرِ مع خبرِه جوابُ (أمَّا) لا مَحَل لها من الإعراب؛ لأنَّ أصلَ الكلام: فمهما يَكُنْ من شيءٍ .. فتحديثُنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعيدٌ عن الوقوع.
وجملةُ (أمَّا) الشرطيةِ مع جوابِها في محل النصب مقول لجوابِ (إِذا) المُقَدَّرَةِ؛ لأنَّ الفاءَ في قوله:(فأمَّا) فاءُ الفصيحة، والتقديرُ:
إِذا عَرَفْتُم أنما كُنَّا نَحْفَظُ الحديثَ، والحديثُ يُحْفَظُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأردتم بيانَ حالِنا في هذا الزمن الفاسد .. فأقولُ لكم: أمَّا تحديثُنا في هذا الزمن الذي رَكِبْتُم فيه الصَّعْبَ والذَّلُولَ .. فبعيدٌ وقوعُه منا، وجملةُ إِذا المقدَّرةِ مستأنفةٌ.
فإنْ قلتَ: ما غَرَضُ المؤلِّفِ بتكْرَارِ هذا الأثَرِ مَتْنًا وسَنَدًا؛ قلتُ: غَرَضُه في تَكْرارِ السَّنَدِ بيانُ متابعة عبد الله بن طاوسٍ لهشامِ بنِ حُجَيرٍ في رواية هذا الأثَرِ عن