قال القاضي عياض:(قوله وفي حديث عيسى حدثني الحكم حدثني بلال) أبو معاوية وعيسى كلاهما روى الحديث عن الأعمش إلا أن الأعمش من طريق أبي معاوية عنعن الحديث عن أربعة، وفي طريق عيسى أسقط رجلين من الأربعة وهذا يُشْكِل، إذ يُظَن أن الحديث من رواية عيسى مقطوع وليس بمقطوع وإنما قصد مسلم أن يبين أنه رواه من طريق عيسى بلفظ حدثني في الأربعة أيضًا، واكتفى بلفظ حدثني الحكم في أوله وبلفظ حدثني بلال في آخره عن حدثني فيما بينهما، وإنما يكون مقطوعًا لو قال عن الحكم عن بلال، قال النواوي: وهذا لِعِلم مسلم بدقيق صناعة الإسناد فإن حدثني أقوى من عن لاسيما فيما رواه الأعمش لأنه معروف بالتدليس والمدلس لا يحتج بحديثه إلا إذا ثبت سماعه من طريق آخر، ومع هذا فقد ذكر الدارقطني في هذا السند خلافًا عن الأعمش فرواه بعضهم بإسقاط بلال واقتصر على كعب وعَكَسَ بعضهم فاقتصر على بلال وأسقط كعبًا، والأكثر إنما رووه كمسلم ورواه بعضهم عن علي بن أبي طالب عن بلال رضي الله تعالى عنهما. اهـ من الأبي.
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى (وحدثنيه) أي وحدثني هذا الحديث المذكور يعني حديث بلال، ومقتضى اصطلاحاته أن يأتي هنا بحاء التحويل (سويد بن سعيد) بن سهل الهروي، وقال في التقريب؛ صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يُتَلَقَّن ما ليس من حديثه من (١٠) مات سنة (٢٤٠) روى عنه في (٧) أبواب، قال (حدثنا علي) بن مسهر القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (٨) مات سنة (١٨٩) روى عنه في (١٤) بابا، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن مسهر) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته (عن الأعمش) سليمان بن مهران، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بقوله حدثنا علي، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابع وهو أبو معاوية وعيسى أي حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن عن كعب بن عجرة عن بلال، وغرضه بيان متابعة علي بن مسهر لأبي معاوية وعيسى (و) لكن (قال) علي بن مسهر (في الحديث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) مسح على الخفين والخمار بدل قولهما أن رسول الله .. الخ.