عن) حكم مدة (المسح على الخفين فقالت) في عائشة (عليك) أي الزم (بابن أبي طالب) رضي الله عنه (فسله) أي فاسأله عن مدته (فإنه) أي فإن عليًّا (كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو يعرف مدته، قال شريح بن هانئ (فسألناه) أي سألنا علي بن أبي طالب عن مدته (فقال) لنا علي (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وَقَّت (ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر) أي إذا لبس الخفين على طهارة كاملة يمسح إلى نهاية ثلاثة أيام مع لياليها (و) وقت (يومًا وليلة) أي مقدارهما (للمقيم) ولا يزيد عليه بدون غسل رجليه.
قال القرطبي: وهذا الحديث نص في اشتراط التوقيت في المسح وبه أخذ أبو حنيفة والثوري وأصحاب الحديث والشافعي ومالك وأحمد في أحد قوليهما ومشهور مذهب مالك أنه لا توقيت فيه وهو قول الأوزاعي والليث والقول الآخر للشافعي، وأقوى ما يُتَمَسَّك به لمشهور مذهب مالك حديث عقبة بن عامر الذي أخرجه الدارقطني وصححه قال (خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت المدينة يوم الجمعة، ودخلت على عمر فقال لي: متى أولجتَ خفيك في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة، فقال: هل نزعتهما؟ قلت: لا، فقال: أصبت السنة) رواه الدارقطني في سننه [١/ ١٩٦] ومِثل هذا يشيع ولم ينكره أحد مع أنه قال فيه: أصبتَ السنَّة، وهو ملحق بالمسند المرفوع.
وأما حديث ابن أبي عمارة الذي قال فيه (امسح ما شئت ما بدا لك) فقال فيه أبو داود: ليس بالقوي ومآل هذا أن حديث عقبة يعارض حديث علي غير أن حديث عقبة وافقه عمل الصحابة فهو أولى عنده والله تعالى أعلم. اهـ من المفهم.
قال النواوي: وأما أحكام هذا الحديث ففيه الحُجَجُ البينة والدلالة الواضحة لمذهب الجمهور أن المسح على الخفين مؤقت بثلاثة أيام في السفر وبيوم وليلة في الحضر وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة فمن بعدهم، وقال مالك في المشهور عنه: يمسح بلا توقيت وهو قول قديم ضعيف عن