للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جُنُبٌ" فَقَال: كَيفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ قَال: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا

ــ

أي والحال أنه (جنب) أي محدث حدثًا أكبر سواء كان جنابة أم غيرها، وهذا النهي إنما يكون في الماء القليل لأنه يصير مستعملًا باغتسال الجنب فيه، فحينئذ قد أفسد الماء على الناس لأنه لا يصلح للاغتسال والتوضؤ منه. اهـ مرقاة على المبارق (فقال) أبو السائب لأبي هريرة (كيف يفعل) ذلك الجنب (يا أبا هريرة) إذا أراد الاغتسال منه (قال) أبو هريرة لأبي السائب، وفي بعض النسخ (فقال) بزيادة الفاء (يتناوله) أي يتناول ذلك الجنب بيده من ذلك الماء ويأخذه (تناولًا) أي أخذًا مصدر مؤكد لعامله أي يغترف منه اغترافًا، ويغتسل به خارجًا منه، وبإدخال الجنب يده في الماء بنية الاغتراف لا يتغير حكم الماء أي لا يصير مستعملًا إذا أدخلها بنية الاغتراف أو أطلق. اهـ من المرقاة.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته النسائي [١/ ١٩٧] فقط ولم يذكر المؤلف في هذه الترجمة إلا هذا الحديث، قال القاضي: قوله (لا يغتسل أحدكم) الخ يعني إذا لم يكن أزال الأذى عنه، وكذا يكره إن أزال الأذى عنه لأن الجسد لا يخلو عن دَرَنٍ ولأنه في بقية جسده مغتسل بماء مستعمل فيتطهر خارجه ويتناوله تناولًا كما قال أبو هريرة: وهذا كله في غير المستبحر، اهـ. والمستبحر هو الذي يعد كالبحر لكثرته.

وفي المفهم: قول أبي هريرة (يتناوله تناولًا) يعني أن يتناول منه فيغتسل خارجه ولا ينغمس فيه، وهذا كما قال مالك حيث سئل عن نحو هذا، فقال: يحتال، وهذا كله محمول على غير المستبحر، وأما إذا كان كثيرًا مستبحرًا بحيث لا يتغير فلا بأس به إذ لم يتناوله الخبر؛ وللإجماع على أن الماء إذا كان بحيث لا تسري حركة المغتسل أو المتوضئ إلى جميع أطرافه فإنه لا تضره النجاسة إذا لم تغيره وهو أقصى ما فُرِّق به بين القليل والكثير من المياه والله سبحانه وتعالى أعلم، اهـ منه.

قال النواوي: وأما أحكام هذه المسألة فقد قال العلماء فيها من الشافعية وغيرهم يكره الاغتسال في الماء الراكد قليلًا كان أو كثيرًا، وكذا يكره الاغتسال في العين الجارية، قال الشافعي في البويطي: أكره للجنب أن يغتسل في البئر مَعِينًا كانت أو دائمة، وفي الماء الراكد الذي لا يجري، قال الشافعي: وسواء قليل الراكد وكثيره أكره الاغتسال فيه هذا نصه وكذا صرح أصحابنا وغيرهم بمعناه وهذا كله محمول على كراهة التنزيه لا التحريم، وإذا اغتسل فيه من الجنابة فهل يصير الماء مستعملًا؟ فيه تفصيل

<<  <  ج: ص:  >  >>