البول) الذي أنت بلت فيه (ولا) لشيء من (القذر) قال الفيومي: القذر بفتحتين وبفتح وكسر الوسخ؛ وقد يطلق على النجس، اهـ. والمراد هنا المعنى الأعم كالبصاق والمخاط والنخاعة، قال القاضي: فيه الرفق بالتغيير على الجاهل، وتعليمه ما جهل، وتنزيه المساجد عن الأقذار (إنما هي) أي ما هذه المساجد إلا مبنية (لذكر الله عزَّ وجلَّ) وثنائه، والذكر كل ما سيق لثناء أو دعاء كالتهليل، والتسبيح، والاستغفار، قال الأبي: وفي معنى الذكر قراءة العلم، قال مطرف: لا أعلم مجالس الذكر إلا مجالس الحلال والحرام، كيف تبيع! كيف تشتري! كيف تنكح! لكن كره في العُتْبِيَّة رفع الصوت بذلك فيه، وأجازه ابن مسلمة (والصلاة) فيها (وقراءة القرآن) قال القاضي: وكلمة إنما للحصر فلا يعمل فيها شيء من مكاسب الدنيا، قال الأبي: فلا يُنْسَج فيه، قال مالك: ولا أحب لذي منزل أن يبيت فيه، وخففه للضيف ومن لا منزل له، وفي النوادر قال مالك: ولا أحب أن يوضع فيه فراش ولا وساد للجلوس عليه، قال: ولا بأس أن يضطجع فيه للنوم، قال: وينهى عن السؤال فيه، قال ابن عبد الحكم: ولا يعطي فيه للسائل ولا ينشد فيه ضالة، وأو في قوله (أو) الحديث (كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الألفاظ التي تشبه اللفظ المذكور هنا، شك من الراوي فيما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من الألفاظ التي تفيد معنى ما ذكر، كقوله لا يحل فيها شيء من هذا البول ولا الوسخ (قال) أنس (فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (رجلًا من القوم) الجالسين معه أن يأتي بدلو من ماء (فجاء) الرجل (بدلو) عظيمة مملوءة (من ماء فَشَنَّه) أي شن ذلك الرجل الماء الذي في الدلو أي صبه بشدة وكثرة (عليه) أي على المحل المصاب بالبول.
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وذكر فيه متابعتين، قال النواوي: شَنَّه بالشين المعجمة وسَنَّه بالسين المهملة والمعنى واحد أي صبه عليه صبًا يغلبه، وفرَّق بعضهم بينهما فقال: هو بالمهملة الصب في سهولة، وبالمعجمة الصب بكثرة وقال ابن الأثير: الشن بالمعجمة الصب المتقَطِّع وبالمهملة الصب المتصل، اهـ.