للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: مَرَّ رَسُولُ الله صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ عَلَى قَبْرَينِ. فَقَال: "أَمَا إِنهُمَا لَيُعَذَّبَانِ. وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ. إمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنمِيمَةِ. وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ" قَال: فَدَعَا بِعَسِيبِ رَطْبٍ

ــ

الطائفي حبر الأمة وترجمان القرآن مات سنة (٦٨) بالطائف، روى عنه في (١٧) بابًا. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون أو كوفيان ومروزي وواحد طائفي وواحد يماني وواحد مكي ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض الأعمش ومجاهد وطاوس (قال) ابن عباس (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنهما) أي إن صاحبي هذين القبرين (لَيُعَذبان) في قبرهما، وفيه دليل على إثبات عذاب القبر (وما يعذبان في كبير) أي في أمر شاق تركه أو فعله عليهما أو في أمر كبير عندكم وهو عند الله كبير أي عظيم كما جاء في البخاري "وإنه لكبير" أي عند الله وهذا مثل قوله تعالى {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: ١٥] وزاد القاضي تأويلًا ثالثًا أي ليس باكبر الكبائر، قال النواوي: وعلى هذا يكون المراد بهذا الزجر والتحذير بغيرهما أي لا يتوهم أحد أن التعذيب لا يكون إلا في الكبائر الموبقات فإنه يكون في غيرها، والله أعلم.

(أما أحدهما فكان يمشي) بين الناس (بالنميمة) وقد تقدم الكلام في النمام في الإيمان, والنميمة هي القَالةُ التي تُرفع وتنقل عن قائلها ليتضرر بها قائلها، وقيل حقيقتها: نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على وجه الإفساد بينهم (وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) أي لا يتوقى ولا يتحَفَّظ من بوله بل كان ينتضح على بدنه وثيابه، ويؤيد هذا المعنى رواية (لا يستنزه) بالزاي والهاء، وروي (لا يستبرئ) بالباء الموحدة والهمزة، وهذه الثالثة هي في البخاري وغيره، وكلها صحيحة ومعناها لا يتجنب منه ولا يتحرز، وعبارة المفهم هنا قوله (فكان لا يستتر من بوله) أي لا يجعل بينه وبين بوله سترة حتى يتحفظ منه كما قال في الرواية الأخرى (لا يستنزه من البول) أي لا يتباعد منه، وهذا يدل على أن القليل من البول ومن سائر النجاسات والكثير منه سواء؛ وهو مذهب مالك وعامة الفقهاء، ولم يرخصوا في شيء من ذلك إلا في اليسير من دم غير الحيض خاصة (قال) ابن عباس (فدعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعسيب) أي بجريد (رطب) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>