للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِليَّ رَأسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يدخلُ البَيتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنسَانِ

ــ

ويخرج (إلي) بطاقة المسجد (رأسه) وأنا حائض كما في الحديث الآخر وأنا في حجرتي (فأُرَجِّلُه) معطوف على يُدْنِي أي فأسرِّح شعر رأسه (وكان) صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفًا (لا يدخل البيت إلا لـ) قضاء (حاجة الإنسان) بولًا أو غائطًا، وفي حديث آخر (فأغسله) وفي آخر (فأرسله وأنا حائض) وهو بمعنى أرجله، قال القاضي: وجميعها يدل على أن جسد الحائض وثوبها وريقها طاهر ما لم تصبه نجاسة ونحوه لابن مسلمة، وفيه أن مس المرأة زوجها في الاعتكاف لغير لذة وترجيلها شعره ومناولتها الشيء له لا يضر اعتكافه، وأن إخراج المعتكف رأسه من المسجد وغسله شعره وقصه منه ومن ظفره لا يضر اعتكافه، وفيه أن مَن حلف لا يدخل بيتًا فأدخل رأسه لا يحنث لإخراج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه، والمعتكف لا يجوز له الخروج إلا لحاجة الإنسان فإذا خرج لها لا يعود المريض ولا يشتغل بغير ما هو فيه، ويسأل عن المريض وهو مار، ويكلم الناس في طريقه عند خروجه لها ويسلم عليهم في مسيره إليها كل هذا لا يضره، وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة. اهـ من الإكمال، ومنع مالك خروجه للجمعة، وقال: إن خرج فسد اعتكافه، وقال: لا يعتكف إلا في الجامع، واختلف قوله في خروجه لشراء ما يحتاج إليه من طعام وغيره، وأجاز بعض السلف خروجه للجمعة وعيادة المريض وحضوره الجنازة وكل ذلك يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

قال النواوي: وفي الحديث أن المعتكف إذا أخرج بعضه من المسجد كيده ورجله ورأسه لم يبطل اعتكافه، ومن حلف أنه لا يدخل دارًا أو لا يخرج منها فأدخل أو أخرج بعضه لا يحنث، وفيه جواز استخدام الزوجة في الغسل والطبخ والخبر وغيرها برضاها؛ وعلى هذا تظاهرت دلائل السنة وعمل السلف وإجماع الأمة، وأما بغير رضاها فلا يجوز لأن الواجب عليها تمكين الزوج من نفسها وملازمة بيته فقط، والله سبحانه وتعالى أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في باب الصوم عن القعنبي، والنسائي في الاعتكاف عن محمَّد بن سلمة كلاهما عن مالك عن الزهريّ، وقال أبو داود: لم يتابع مالكًا أحد على قوله عروة عن عمرة. اهـ تحفة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>