قال القرطبي: أي فمن أجل علو أو سبق أحدهما يكون الشبه ويحتمل أن تكون من زائدة على قول بعض الكوفيين أنها تزاد في الإثبات فيكون أيهما مبتدأ ويحتمل أن تكون أو شكًّا من بعض الرواة وأن تكون للتنويع أي أي نوع كان منهما كان منه الشبه (وسبق) أي بادر بالخروج.
قال النواوي: قوله (فقالت أم سليم واستحييت) هكذا هو في الأصول، وقال أبو علي الغساني: هكذا هو في أكثر النسخ أم سليم، وفي بعضها أم سلمة وهو المحفوظ من طرق شتى، وقال القاضي عياض: هذا هو الصواب لأن السائلة هي أم سليم والرادة عليها أم سلمة في هذا الحديث وعائشة في الحديث المتقدم، ويحتمل أن عائشة وأم سلمة جميعًا أنكرتا عليها، وإن كان أهل الحديث يقولون الصحيح هنا أم سلمة لا عائشة، والله أعلم.
قوله (فمن أين يكون الشبه) معناه أن الولد مخلوق من ماء الرجل وماء المرأة فأيهما غلب كان الشبه له وإذا كان للمرأة مني فإنزاله وخروجه منها ممكن، قوله (إن ماء الرجل غليظ أبيض) .. الخ قال القرطبي: وما ذكره من صفة الماءين إنما هو في غالب الأمر واعتدال الحال وإلا فقد تختلف أحوالهما للعوارض. اهـ. وعبارة النواوي: وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة يخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه وإذا خرج استعقب خروجه فتورًا ورائحة كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وقيل تشبه رائحته رائحة الفصيل، وقيل إذا يبس كانت رائحته كرائحة البول فهذه صفاته الغالبة، وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يَسْتَقِلُّ بكونه منيًّا، وذلك بأن يمرَضَ فيصير منيه رقيقًا أصفر، أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة، أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما خرج دمًا عبيطًا، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل كما لو كان أبيض، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيًّا ثلاث؛ أحدها: الخروج بشهوة مع الفتور عقبه، والثانية: الرائحة التي تشبه رائحة الطلع كما مر آنفًا، والثالثة: الخروج بزريق ودفق ودفعات وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًّا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًّا وغلب على الظن كونه ليس بمني هذا كله في مني الرجل، وأما مني المرأة فهو