والذي يتعين تأويل العلو الذي يأتي في حديث ثوبان، فيقال إن ذلك العلو معناه سبق الماء إلى الرحم يقتضي الأنوثة والذكورة، ووجهه أن العلولما كان معناه الغلبة كما فسرناه، وكان السابق عاليًا في ابتدائه بالخروج، قيل عليه علا ويؤيد هذا التأويل أنه روي في غير كتاب مسلم إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَرَا، وإذا سبق ماء المرأة آنَثَا.
وقد بنى القاضي أبو بكر بن العربي على اختلاف هذه الأحاديث بناء فقال: إن للماءين أربعة أحوال: (١) الأول أن يخرج ماء الرجل أولًا و (٢) الثاني أن يخرج ماء المرأة أولًا و (٣) الثالث أن يخرج ماء الرجل أولًا ويكون أكثر و (٤) الرابع أن يخرج ماء المرأة أولًا ويكون أكثر، ويتم التقسيم بأن يخرج ماء الرجل أولًا ثم يخرج ماء المرأة بعده فيكون أكثر أو بالعكس وبالعكس، فإذا خرج ماء الرجل أولًا وكان أكثر جاء الولد ذكرًا بحكم السبق وأشبه الولد أعمامه بحكم الكثرة، وإن خرج ماء المرأة أولًا وكان أكثر جاء الولد أنثى بحكم السبق وأشبه أخواله بحكم الغلبة، وإن خرج ماء الرجل أولًا لكن لما خرج ماء المرأة بعده كان أكثر كان الولد ذكرًا بحكم السبق وأشبه أخواله بحكم غلبة ماء المرأة، وإن سبق ماء المرأة لكن لما خرج ماء الرجل وكان أعلى من ماء المرأة كان الولد أنثى بحكم سبق المرأة وأشبه أعمامه بحكم غلبة ماء الرجل وقال: وبانتظام هذه يستقيم الكلام ويرتفع التعارض عن هذه الأحاديث، اهـ من المفهم. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث واحد للاستدلال وخمسة للاسثشهاد كما مرت الإشارة إليه، وذكر في حديث أم سلمة رضي الله عنها متابعة واحدة والله أعلم.