ففيه جواز ذلك، اهـ (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (سل) عما بدا لك (فقال اليهودي أين يكون الناس) والخلق (يوم تبَدَّل الأرض) التي يُحشر عليها (غير الأرض) التي كانوا عليها في الدنيا (و) تبدل (السماوات) التي كانت في الدنيا بغيرها، قال الأبي: سؤال الحبر والجواب بأنهم في الظلمة يدلان على أن تبديلَها إزالتُها والإتيانُ بغيرها، لا ما قيل إنه تبديل صفاتها بأن تُمَدَّ وتُسَوَّى وتزال آكامها، إذ لو كان كذلك لم يُشْكِل على الحبر ولا على عائشة فإنها سألت عن ذلك أيضًا، ولم يُحْتَجْ إلى أن يكونوا في الظلمة، والظلمة الجسر؛ والجسر بفتح الجيم وكسرها مع سكون السين فيهما ما يعبر عليه وهو هذا الصراط كما جاء في جوابه لعائشة (إنهم على الصراط) رواه مسلم [٢٧٩١] والأرض المبدلة هي الأرض التي ذكرها في حديث سهل بن سعد حيث قال (يُحشر الناس على أرضٍ بيضاءَ عفراء ليس فيها علم لأحدٍ) رواه البخاري [٦٥٢١] ومسلم [٢٧٩٠] أي ليلى فيها ما يستتر به، وهذا الحشر هو جمعهم فيها بعد أن كانوا على الصراط، وجاء تمد الأرض الثانية مد الأديم ثم يزجر اللهُ تعالى الخلقَ زجرة واحدة فإذا هم في الأرض الثانية في مثل مواضعهم من الأرض الأولى، والله أعلم بكيفية ذلك.
قال السنوسي: انظر تفسيره الظلمة بالجسر، والحديث صرح أنها دون الجسر بل الظاهر أن المراد بالجسر ها هنا القنطرة التي يحبس عليها المؤمنون بعد الصراط حتى يُقْتَصَّ بينهم المظالمَ على ما صح في الحديث، ويصح حينئذ تفسير الظلمة بالصراط أو بجسم يكون من ظلمةِ فوق الصراط، فيبقى اللفظ على ظاهره إذ الظلمة جسم عند المحققين، ولا ينافي مع ذلك جوابه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها بأنهم على الصراط، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الظلمة دون الجسر) أي فوق الجسر، والجسر بفتح الجيم وكسرها ما يعبر عليه وهو هنا الصراط كما مر آنفًا، ودون بمعنى فوق كما قال في حديث عائشة (على الصراط)(قال) اليهودي (فمن أول الناس إجازة) أي جوازًا على الصراط وعبورًا إلى الجنة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم