مرورًا على الصراط (فقراء المهاجرين) قال الأبي: ولا يدل هذا على أن فقراء المهاجرين أفضل من أغنيائهم للإجماع على أن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف أفضل من أبي هريرة وأبي ذر رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وقد يختص المفضول بخاصية ليست في الفاضل ولا يكون بسببها أفضل، ولهذا المعنى لا يحتج به لترجيح الفقراء، ولا يشترط في فقر المهاجرين دوامه بل فقرهم في زمنه صلى الله عليه وسلم (قال اليهودي فما تحفتهم) أي نُزُلُهم (حين يدخلون الجنة) والتحْفة بإسكان الحاء وفتحها لغتان مشهورتان وهي ما يُكرم به الإنسان ويُهدى إليه ويخص به ويلاطف من الفواكه وغيره من نفيس الطعام وغيره (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم تحفتهم ونزلهم (زيادة كَبِدِ النون) وزيادة الكبد قطعة منه كالإصبع وطرفه وهو أطيبه، وفي الصحاح: النون الحوت وجمعه أنوان ونينان، وذو النون لقب يونس - عليه السلام -، قال الأبي: والأصل في الأداة التي في لفظ النون أنها للعهد، وانظر هل هو الحوت الذي عليه الأرض ولم يات أنها عليه من طريق صحيح، قال ابن الجوزي: علماء التاريخ يقولون إن الأرض على صخرة، والصخرة على مَنْكِبَي مَلَكٍ، والملك على الحوت، والحوت على الماء، والماء على متن الريح. اهـ. والأطباء يقولون: إن الكبد من ألذ الطعام، وقد جاء مفسرًا في حديث أبي سعيد قال اليهودي: ألا أخبرك بإدامهم، قال: بلى، قال: إدامهم بالام ونون، قالوا: ما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل من زيادة كبدهما سبعون ألفًا. رواه مسلم [٢٧٩٢](قال) اليهودي (فما غذاؤهم) أي غذاء أهل الجنة وطعامهم (على إثرها) أي عقب زيادة كبد النون، قال القاضي عياض: قوله (غداؤهم) هو بفتح الغين المعجمة والدال المهملة وهو في الأصل ما يؤكل أول النهار، وللسمرقندي بكسرها وبالذال المعجمة؛ وليس بشيء ولا يدل المعنى عليه، قال القرطبي: والأظهر أنه تصحيف، قال النواوي: وله وجهٌ تقديره ما غذاؤهم في ذلك الوقت، والإثر بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة وبفتحهما معًا بمعنى عقبها وبعدها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يُنْحَر) ويذبح (لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها) أي من أغصان أشجارها، والأطراف جمع طرف والطرف من النبات ما كان في أكمامه. اهـ م ج أرميَّته