بحذف إحدى التاءين لأنه من باب تفعَّل الخماسي (فتُحسن الطهور) أي الوضوء، قال القاضي عياض: التطهر الأول هو لإزالة النجاسة وما مَسَّها من دم الحيض، قال النواوي: والأظهر أنَّه الوضوء (ثم تَصُبُّ) الماء وتفرغه (على رأسها فتدْلُكه) أي فتدلك رأسها (دلكًا شديدًا) أي مبالِغًا (حتَّى تبلغ) إحداكن وتصل بدلكها (شؤون رأسها) أي إلى أصول شعر رأسها، وفي بعض النسخ (حتَّى يبلغ) الماء إلى أصول شعرها، والشؤون بضم الشين المعجمة وبعدها همزة؛ والمراد أصول شعر رأسها، قال القاضي: والشؤون ملتقى عظام الرأس وموضع فَرْقِهِ، وقال القرطبي: والشؤون هي ملتقى فلَقَتَي الرأس ومنها تجري الدموع، وقال النواوي: والشؤون المخطوط التي في عظم الجمجمة؛ وهو مجتمع شعب عظامها، الواحد منها شان، وفي النهاية هي عظامه وطرائقه ومواصل قبائله.
وفي المفهم: قوله (تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها) السدر هنا هو الغاسولُ المعروفُ وهو المتخَذُ مِنْ ورق شجر النبق وهو السدر، قوله (فتطهر) وهذا التطهرُ الَّذي أَمَرَ باستعمال السدر فيه هو لإزالة ما عليها من نجاسةِ الحيض، والغسلُ الثاني هو للحيض، وقولُه (فتدلكه دلكًا شديدًا) حجةٌ لمن رأى التدليكَ (فإن قلتَ) إنما أمر بهذا في الرأس ليعم جميعَ الرأس. (قلتُ) وكذلك يقال في جميع البدن، فإن قيل لو كان حكم جميع البدن حكمَ الرأس في هذا لبَيَّنَه فيه كما بيَّنه في الرأس، قلت: لا يحتاج إلى ذلك، وقد بيَّنَه في عضو واحد، وقد فُهِمَ عنه أن الأعضاء كُلَّها في حكمِ العضو الواحدِ في عموم الغسل وإجادته وإسباغه فاكتفى بذلك، (والشؤونُ) هو أصلُ فَرْقِ الرأس ومُلْتقَاها ومنها تجيء الدموع، وذِكْرُها مبالغةٌ في شدةِ الدلك وإيصال الماء إلى ما يَخْفَى من الرأس (ثم تَصُبُّ عليها) أي على سائر جسدها (الماء) لغسل الحيض (ثم) بعد فراغها من غسلها (تَأْخُذُ فِرْصَةً) أي قطعةً مِنْ قُطن أو من خرقة (مُمَسَّكة) أي مُطيَّبة بطيب مسك (فتطَهَّرُ) أي تُنَظِّفُ وتَطيِّب (بها) أي بتلك الفرصةِ فرجها بأن تَحْشو تلك الفرصة في قُبلها.
وفي المفهم:(الفِرْصة) صحيح الرواية فيها بكسر الفاء وفتح الصاد المهملة؛ وهي القطعة من الشيء، وهي مأخوذة من الفَرْص وهو القطع، والمَفْرَصَ والمِفْرَاصُ الَّذي تُقَطَّع به الفضة، وقد يكون الفرص بمعنى الشقِّ يقال فرصتُ النعل أي شققتُ أذنيها،