حيضها وهو قوله صلى الله عليه وسلم (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي) وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل.
وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل فليس بشيء ثابت وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري ومسلم في صَحِيحَيهِمَا أن أم حبيبة بنت جحش رضي الله تعالى عنها استحيضت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي فكانت تغتسل عند كل صلاة، قال الشافعي رحمه الله تعالى: إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا شك -إن شاء الله تعالى- أن غسلها عند كل صلاة كان تطوعًا غير ما أُمرت به، وذلك واسع لها، هذا كلام الشافعي بلفظه وكذا قال شيخه سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما وعباراتهم متقاربة، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ نواوي.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث فاطمة بنت أبي جُبَيش ذكره للاستدلال به وهو أصح ما في هذا الباب وذكر فيه متابعة واحدة والثاني حديث أم حبيبة وذكره للاستشهاد به وذكر فيه خمس متابعات، والله أعلم.
وقد قدمنا أن الاستحاضة جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه وأنه يخرج من عرق يقال له العاذل بخلاف دم الحيض فإنه يخرج من قعر الرحم على سبيل الصحة، وأما حكم المستحاضة فمبسوط في كتب الفقه أَحْسَنَ بسطٍ، ونحن نشير إلى طرف من مسائلها فنقول:
اعلم أن المستحاضة لها حكم الطاهرات في معظم الأحكام، فيجوز لزوجها وطؤها في حال جريان الدم عند جمهور العلماء، وعن عائشة أنه لا يأتيها زوجها وبه قال النخعي والحكم، وكرهه ابن سيرين، وقال أحمد لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها، وفي رواية عنه أنه لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها العنت، والمختار ما قدمناه عن الجمهور؛ والدليل عليه ما روي عن عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بهذا اللفظ بإسناد حسن، قال البخاري في صحيحه: قال ابن عباس: المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت، الصلاة