أعظم. ولأن المستحاضة كالطاهرة في الصلاة والصوم وغيرهما فكذا في الجماع، ولأن التحريم إنما يثبت بالشرع ولم يرد الشرع بتحريمه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما الصلاة والصيام والاعتكاف وقراءة القرآن ومس المصحف وحَمْلهُ وسجودُ التلاوة وسجود الشكر ووجوب العبادات عليها فهي في كل ذلك كالطاهرة وهذا مجمع عليه، وإذا أرادت المستحاضة الصلاة فإنها تؤمر بالاحتياط في طهارة الحدث وطهارة النجس فتغسل فرجها قبل الوضوء والتيمم إن كانت تتيمم وتحشو فرجها بقطنة أو خرقة رفعا للنجاسة أو تقليلا لها، فإن كان دمها قليلًا يندفع بذلك وحده فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفِع شدت مع ذلك على فرجها وتلَجَّمَت، وهو أن تشد على وسطها خرقة أو خيطًا أو نحوه على صورة التكة وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين فتدخلها بين فخذيها وأليتيها وتشد الطرفين بالخرقة التي في وسطها أحدهما قدامها عند سرتها والآخر خلفها وتحكم ذلك الشد وتلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخذين بالقطنة التي على الفرج إلصاقًا جيدًا، وهذا الفعل يسمى تلجمًا واستثفارًا وتعصيبًا، قال أصحابنا: وهذا الشد والتلجم واجب إلا في موضعين أحدهما: أن تتأذى بالشد ويحرقها اجتماع الدم فلا يلزمها لما فيه من الضرر، والثاني: أن تكون صائمة فتترك الحشو في النهار وتقتصر طي الشد، قال أصحابنا: ويجب تقديم الشد والتلجم على الوضوء وتتوضأ عقب الشد من غير إمهال فإن شدت وتلجمت وأخرت الوضوء وتطاول الزمان ففي صحة وضوئها وجهان الأصح: أنه لا يصح، وإذا استوثقت بالشد على الصفة التي ذكرناها ثم خرج منها دم من غير تفريط لم تبطل طهارتها ولا صلاتها ولها أن تصلي بعد فرضها ما شاءت من النوافل لعدم تفريطها ولتعذر الاحتراز عن ذلك، أما إذا خرج الدم لتقصيرها في الشد أو زالت العصابة عن موضعها لضعف الشد فزاد خروج الدم بسببه فإنه يبطل طهرها، فإن كان ذلك في أثناء صلاة بطلت، وإن كان بعد فريضة لم تستبح النافلة لتقصيرها، وأما تجديد غسلِ الفرج وحشوه وشدِّه لكل فريضة فيُنْظَر فيه إن زالت العصابة عن موضعها زوالًا له تأثير أو ظهر الدم على جوانب العصابة وجب التجديد، وإن لم تزل العصابة عن موضعها ولا ظهر الدم ففيه وجهان لأصحابنا أصحهما: وجوب التجديد كما يجب تجديد الوضوء.